اللطيفة التي جمع بها بين الأضداد، وألف بين الأشتات (1). وكثيرا ما أذكر الإخوان بها واستخرج عجبهم منها. وهي موضوع للعبرة بها والفكرة فيها. وربما جاء في أثناء هذا الاختيار اللفظ المردد والمعنى المكرر والعذر في ذلك أن روايات كلامه تختلف اختلافا شديدا. فربما اتفق الكلام المختار في رواية فنقل على وجهه، ثم وجد بعد ذلك في رواية أخرى موضوعا غير وضعه الأول، إما بزيادة مختارة أو بلفظ أحسن عبارة، فتقتضي الحال أن يعاد استظهارا للاختيار، وغيرة على عقائل الكلام (2). وربما بعد العهد أيضا بما اختير أولا فأعيد بعضه سهوا أو نسيانا لا قصدا واعتمادا. ولا أدعي مع ذلك أني أحيط بأقطار جميع كلامه عليه السلام (3) حتى لا يشذ عني منه شاذ ولا يند ناد، بل لا أبعد أن يكون القاصر عني فوق الواقع إلى، والحاصل في ربقتي دون الخارج من يدي (4) وما على إلا بذل الجهد وبلاغ الوسع، وعلى الله سبحانه نهج السبيل (5) ورشاد الدليل إن شاء الله ورأيت من بعد تسمية هذا الكتاب بنهج البلاغة إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها.
ويقرب عليه طلابها. فيه حاجة العالم والمتعلم وبغية البليغ والزاهد، ويمضي في أثنائه من الكلام في التوحيد والعدل وتنزيه الله سبحانه وتعالى عن شبه الخلق ما هو بلال كل غلة (6) وجلاء كل شبهة. ومن الله سبحانه أستمد التوفيق والعصمة.
وأتنجز التسديد والمعونة، وأستعيذه من خطأ الجنان قبل خطأ اللسان، ومن زلة الكلام قبل زلة القدم. وهو حسبي ونعم الوكيل.
باب المختار من خطب أمير المؤمنين عليه السلام وأوامره ويدخل في ذلك المختار من كلامه الجاري مجرى الخطب في المقامات المحصورة والمواقف المذكورة والخطوب الواردة