قال في طهارة مفتاح الكرامة (ص 160): وقد يجاب بأن وجودها سابق، ونسبتها لاحقة لصنعه على قدرها. (انتهى) ولكن النظر الدقيق يعطي أن كلامه ليس فيه إشعار بالمخالفة بين الدرهم الوافي والبغلي، لان قوله: وبعضهم يقول دون الدرهم البغلي الخ، يعطي أن البعض لم يعبر بالوافي بل عبر بالبغلي، ولو كان مراده نقل الخلاف في معنى الدرهم عن هذا البعض، لرده وأقام البرهان على اختيار الوافي دون البغلي، وذلك واضح.
اما مقدار سعته فقد عرفت من ابن إدريس أنه رآه وأن سعته تقرب من سعة أخمص الراحة، وهو ما انخفض من باطن الكف، ونسب تحديده بأخمص الراحة إلى أكثر عبائر الأصحاب، وعن الإسكافي تقدير الدرهم بعقد الابهام الاعلى من غير تعرض لكونه البغلي أو غيره، وعن غير واحد التصريح بعدم الخلاف في أن البغلي هو المراد بالدرهم الوارد في النصوص والفتاوى. وعلى هذا يكون تحديد الإسكافي تحديدا للبغلي. وعن البعض تقديره بعقد الوسطى، وعن المعتبر أنه ذكر هذه التحديدات ثم قال: والكل متقارب، والتفسير الأول أشهر إه. والله العالم.
ولا ندري أي تقارب بين سعة أخمص الراحة، وعقد الابهام الاعلى، وعقد الإصبع الوسطى، وسعة الدينار الذي نقل التحديد به عن ابن أبي عقيل، مع ما بينها من التفاوت الواضح، ومع أن المقام مقام تحديد؟.
ونص سيدنا الأستاذ آية الله الحكيم مد ظله العالي في المستمسك (ج 1 ص 487 الطبعة الثانية) على أنه رأى الدينار، وأنه بقدر الفلس العراقي المسكوك في هذا العصر الذي يساوي نصف عقد الابهام تقريبا، فكيف يكون مقاربا لعقد الابهام؟
ثم ذكر السيد صور تسعة دراهم اطلعه عليها بعض أهل الخبرة، وذكر تاريخ سكب كل منها وقطره بالمليمترات، والذي يهمنا منها الدرهم غير الاسلامي (الوافي) المضروب في الري سنة 625 م وقطره 30 مليمترا (3 سانتي) وهو أوسع الدراهم التسعة المذكورة، وعلى هذا فالدرهم الذي يبلغ قطره، مجتمعا، 3 سانتي غير معفو عنه، والأقل من هذا بنظر العرف معفو عنه، ولا بد أن تكون قلة ملموسة عند أهل العرف، فالتفاوت البسيط (بالميلي مثلا) لا يسمى تفاوتا عندهم كما هو واضح والله العالم.