إلى غايتها ولم تحقق هدفها، واعتبر السلم في هذه الحالة لا معنى له إلا الجبن، والرضا بالدون من العيش.
وفي هذا يقول الله سبحانه: " فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم " (1).
أي الأعلون: عقيدة، وعبادة، وخلقا، وأدبا وعلما، وعملا.
إن السلم في الاسلام لا يكون إلا عن قوة واقتدار، ولذلك لم يجعله الله مطلقا، بل قيده بشرط أن يكف العدو عن العدوان، وبشرط ألا يبقى ظلم في الأرض، وألا يفتن أحد في دينه.
فإذا وجد أحد هذه الأسباب، فقد أذن الله بالقتال.
وهذا القتال هو القتال الذي تسترخص فيه الأنفس، ويضحى فيه بالمهج والأرواح.
إنه لا يوجد دين من الأديان دفع بأهله إلى خوض غمرات الحروب.
وقذف بهم إلى ساحات القتال، في سبيل الله والحق، وفي سبيل المستضعفين.
ومن أجل الحياة الكريمة، غير السلام. ومن استعرض الآيات القرآنية، والسيرة العملية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده، يرى ذلك واضحا جليا، فالله سبحانه ينتدب هذه الأمة إلى بذل أقصى ما في وسعها، فيقول: " وجاهدوا في الله حق جهاده ". (1) وبين أن هذا الجهاد هو الايمان العملي، الذي لا يكمل الدين إلا به، فيقول: " أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون - ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين " (3).
ويوضح أن هذه سنة الله مع المؤمنين، وأنه ليس للنصر ولا للجنة سبيل غيره. فيقول: " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول