قال: ورطن إليهم بالفارسية: وأنتم غير محمودين (1)، وإن أبيتم، نابذناكم على سواء (2).
قالوا: ما نحن بالذي يعطي الجزية، ولكنا نقاتلكم.
قالوا: يا أبا عبد الله، ألا تنهد إليهم.
قال: فدعاهم ثلاثة أيام إلى مثل هذا (3)، ثم قال: انهدوا إليهم، قال:
فنهدنا إليهم ففتحنا ذلك القصر ". رواه الترمذي.
قال أبو يوسف: لم يقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما قط، فيما بلغنا، حتى يدعوهم إلى الله ورسوله.
وقال صاحب الأحكام السلطانية: ومن لم تبلغهم دعوة الاسلام، يحرم علينا الاقدام على قتالهم غرة وبياتا بالقتل والتحريق. ويحرم أن نبدأهم بالقتال، قبل إظهار دعوة الاسلام لهم وإعلامهم من معجزات النبوة ومن ساطع الحجة بما يقودهم إلى الإجابة.
ويرى السرخسي من أئمة المذهب الحنفي: أنه يحسن أن لا يقاتلهم فور الدعوة، بل يتركهم يبيتون ليلة يتفكرون فيها ويتدبرون ما فيه مصلحتهم.
ويرى الفقهاء أن أمير الجيش إذا بدأ بالقتال قبل الانذار بالحجة والدعاء إلى إحدى الأمور الثلاثة، وقتل من الأعداء غرة وبياتا ضمن ديات نفوسهم.
ذكر البلاذري في فتوح البلدان: " أن أهل سمرقند، قالوا لعاملهم " سليمان بن أبي السرى " إن قتيبة بن مسلم الباهلي غدر بنا وظلمنا، وأخذ بلادنا، وقد أظهر الله العدل والانصاف، فأذن لنا، فليفد منا وفد إلى أمير المؤمنين يشكو ظلامتنا، فإن كان لنا حق أعطيناه، فإن بنا إلى ذلك حاجة، فأذن لهم، فوجهوا منهم قوما إلى " عمر بن عبد العزيز " رضي الله عنه، فلما علم عمر ظلامتهم كتب إلى سليمان يقول له: إن أهل سمرقند، قد شكوا إلى ظلما أصابهم، وتحاملا من قتيبة عليهم حتى أخرجهم من أرضهم، فإذا أتاك كتابي فأجلس لهم القاضي، فلينظر في أمرهم، فإن