وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأسر الاسرى، ولم يعرف أنه أكره أحدا منهم على الاسلام.
وكذلك كان أصحابه يفعلون.
روى أحمد عن أبي هريرة " أن ثمامة الحنفي أسر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغدو عليه فيقول: " ما عندك يا ثمامة؟.. ".
فيقول: إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تمنن تمنن على شاكر، وإن ترد المال نعطك منه ما شئت.
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبون الفداء، ويقولون:
ما نصنع بقتل هذا، فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم، فحله، وبعث به إلى حائط أبي طلحة، وأمره أن يغتسل، فاغتسل وصلى ركعتين.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد حسن إسلام أخيكم ".
أما النصارى وغيرهم فلم يقاتل الرسول صلى الله عليه وسلم أحدا منهم.
حتى أرسل رسله بعد صلح الحديبية إلى جميع الملوك يدعوهم إلى الاسلام، فأرسل إلى قيصر، وإلى كسرى، وإلى المقوقس، وإلى النجاشي وملوك العرب بالشرق والشام، فدخل في الاسلام من النصارى وغيرهم من دخل، فعمد النصارى بالشام فقتلوا بعض من قد أسلم.
فالنصارى حاربوا المسلمين أولا، وقتلوا من أسلم منهم بغيا وظلما.
فلما بدأ النصارى بقتل المسلمين أرسل الرسول سرية أمر عليها زيد بن حارثة، ثم جعفرا، ثم أمر عبد الله بن رواحة، وهو أول قتال قاتله المسلمون للنصارى - بمؤتة من أرض الشام - واجتمع على أصحابه خلق كثير من النصارى، واستشهد الامراء رضي الله عنهم، وأخذ الراية خالد بن الوليد.
ومما تقدم يتبين بجلاء، أن الاسلام لم يأذن بالحرب إلا دفعا للعدوان، وحماية للدعوة، ومنعا للاضطهاد، وكفاية لحرية التدين، فإنها حينئذ تكون فريضة من فرائض الدين، وواجبا من واجباته المقدسة ويطلق عليها اسم " الجهاد ".