وكل ما أمر به جهادا في هذه الفترة أن يجاهد بالقرآن، والحجة، والبرهان.
" وجاهدهم جهادا كبيرا ". (1) ولما اشتد الأذى، وتتابع الاضطهاد حتى وصل قمته بتدبير مؤامرة لاغتيال الرسول الكريم، اضطر أن يهاجر من مكة إلى المدينة، ويأمر أصحاب بالهجرة إليها بعد ثلاث عشرة سنة من البعثة.
" وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ". (2) " إلا تنصروه، فقد نصره الله ". (3) وفي المدينة - عاصمة الاسلام الجديدة - تقرر الاذن بالقتال حين أطبق عليهم الأعداء، واضطروا إلى امتشاق الحسام، دفاعا عن النفس، وتأمينا للدعوة.
وكان أول آية نزلت قول الله سبحانه: " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا: ربنا الله - ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز - الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ". (4) وفي هذه الآيات تعليل للاذن بالقتال بأمور ثلاثة:
1 - انهم ظلموا بالاعتداء عليهم، وإخراجهم من ديارهم بغير حق إلا أن يدينوا دين الحق، ويقولوا: ربنا الله.
2 - انه لولا إذن الله للناس بمثل هذا الدفاع، لهدمت جميع المعابد التي يذكر فيها اسم الله كثيرا، بسبب ظلم الكافرين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر.