لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين " (1) وقد تضمنت هذه الآيات ما يأتي:
1 - الامر بقتال الذين يبدءون بالعدوان ومقاتلة المعتدين، لكف عدوانهم.
والمقاتلة دفاعا عن النفس أمر مشروع في كل الشرائع، وفي جميع المذاهب، وهذا واضح من قوله تعالى: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم " 2 - أما الذين لا يبدءون بعدوان، فإنه لا يجوز قتالهم ابتداء، لان الله نهى عن الاعتداء، وحرم البغي والظلم في قوله: " ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ".
3 - وتعليل النهي عن العدوان بأن الله لا يحب المعتدين دليل على أن هذا النهي محكم غير قابل للنسخ، لان هذا إخبار بعدم محبة الله للاعتداء والاخبار لا يدخله النسخ لان الاعتداء هو الظلم، والله لا يحب الظلم أبدا.
4 - أن لهذه الحرب المشروعة غاية تنتهي إليها، وهي منع فتنة المؤمنين والمؤمنات، بترك إيذائهم، وترك حرياتهم ليمارسوا عبادة الله ويقيموا دينه، وهم آمنون على أنفسهم من كل عدوان.
(ثانيا) يقول الله سبحانه: " ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ". (2) وقد بينت هذه الآية سببين من أسباب القتال:
(أولهما) القتال في سبيل الله، وهو الغاية التي يسعى إليها الدين، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله.
(وثانيهما) القتال في سبيل المستضعفين، الذين أسلموا بمكة، ولم يستطيعوا الهجرة، فعذبتهم قريش وفتنتهم حتى طلبوا من الله الخلاص،