الايمان، ولابد أن تتهيأ فرصة للتخلص من هذه الشبهات والشكوك، وأن تقدم الأدلة والبراهين التي تعبد الايمان إلى القلب، واليقين إلى النفس، وتريح ما علق بالوجدان من ريب وشكوك. ومن ثم كان من الواجب أن يستتاب المرتد ولو تكررت ردته، ويمهل فترة زمنية يراجع فيها نفسه، وتفند فيها وساوسه وتناقش فيها أفكاره، فإن عدل عن موقفه بعد كشف شبهاته، ورجع إلى الاسلام وأقر بالشهادتين واعترف بما كان ينكره، وبرئ من كل دين يخالف دين الاسلام، قبلت توبته، وإلا أقيم عليه الحد.
وقد قدر بعض العلماء هذه الفترة بثلاثة أيام، وترك بعضهم تقدير ذلك وإنما يكرر له التوجيه ويعاد معه النقاش حتى يغلب على الظن أنه لن يعود إلى الاسلام، وحينئذ يقام عليه الحد (1) والذين رأوا تقدير ذلك بالأيام الثلاثة اعتمدوا على ما روي: " أن رجلا قدم إلى عمر رضي الله عنه من الشام، فقال " هل من مغربة (2) خبر ".
قال: نعم. رجل كفر بعد إسلامه. فقال عمر:
فما فعلتم به؟ قال: قربناه فضربنا عنقه قال: هلا حبستموه في بيت ثلاثا، وأطعمتموه كل يوم رغيفا، واستتبتموه لعله يتوب و يراجع أمر الله:
اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني: اللهم إني أبرأ إليك من دمه ". رواه الشافعي.
والذين ذهبوا إلى القول الثاني استندوا إلى ما رواه أبو داود: أن معاذا قدم اليمن على أبي موسى الأشعري. وقد وجد عنده رجلا موثقا.
فقال: ما هذا؟
قال: رجل كان يهوديا فأسلم، ثم رجع إلى دينه " دين اليهود " فتهود.
فقال: لا أجلس حتى يقتل. ذلك قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتكرر ذلك ثلاث مرات فأمر به فقتل، وكان أبو موسى قد استتابه