فهم يختلفون اختلافا بينا في قواهم البدنية ومواهبهم النفسية والعقلية والروحية وتبعا لهذا الاختلاف فمنهم من يقترب من الاسلام، ومنهم من يبتعد عنه حسب حال كل فرد وظروفه وبيئته.
يقول الله سبحانه:
" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا، فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله " (1)، إلا أن هذا الابتعاد عنه لا يخرج المقصر عن دائرته ما دام يدين بالولاء لهذا الدين، فإذا صدر من المسلم لفظ يدل على الكفر لم يقصد إلى معناه، أو فعل ظاهره مكفر لم يرد به فاعله تغيير إسلامه، لم يحكم عليه بالكفر.
ومهما تورط المسلم في المآثم واقترف من جرائم، فهو مسلم لا يجوز اتهامه بالردة.
روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من شهد أن لا إله إلا الله، واستقبل قبلتنا، وصلى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم ".
وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين من أن يقذف بعضهم بعضا بالكفر، لعظم خطر هذه الجناية، فقال فيما رواه مسلم عن ابن عمر:
" إذا كفر الرجل أخاه، فقد باء بها أحدهما ".
متى يكون المسلم مرتدا:
إن المسلم لا يعتبر خارجا عن الاسلام، ولا يحكم عليه بالردة إلا إذا انشرح صدره بالكفر، واطمأن قلبه به، ودخل فيه بالفعل، لقول الله تعالى:
" ولكن من شرح بالكفر صدرا ".
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
" إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى "، ولما كان ما في القلب غيبا من الغيوب التي لا يعلمها إلا الله، كان لابد من صدور ما يدل على كفره دلالة قطعية لا تحتمل التأويل، حتى نسب إلى الامام مالك أنه قال: