قال مالك: " قال أبو الزناد سألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك.
فقال:
أدركت عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، والخلفاء، وهلم جرا، فما رأيت أحدا جلد عبدا في فرية أكثر من أربعين ".
وروي عن ابن مسعود، والزهري، وعمر بن عبد العزيز وقبيصة بن ذؤيب، والأوزاعي، وابن حزم، أنه يجلد ثمانين جلدة. لأنه حد وجب، حقا للادميين، إذ أن الجناية وقعت على عرض المقذوف، والجناية لا تختلف بالرق والحرية.
قال ابن المنذر: والذي عليه الأمصار القول الأول، وبه أقول.
وقال في المسوى: " وعليه أهل العلم ".
وقد ناقش صاحب الروضة الندية الرأي الأول، وقال مرجحا الرأي الثاني:
الآية الكريمة عامة يدخل تحتها الحر والعبد، والغضاضة بقذف العبد للحر أشد منها بقذف الحر للحر، وليس في حد القذف ما يدل على تنصيفه للعبد، لا من الكتاب ولا من السنة. ومعظم ما وقع التعويل عليه هو قوله تعالى في حد الزنا:
" فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ".
ولا يخفى أن ذلك في حد آخر غير حد القذف. فإلحاق أحد الحدين بالاخر فيه إشكال، لا سيما مع اختلاف العلة وكون أحدهم حقا لله محضا، والاخر مشوبا بحق آدمي.
أما المسألة الثانية: فقد اتفق الفقهاء على أن القاذف لا تقبل شهادته ما دام لم يتب، لأنه ارتكب ما يستوجب الفسق، والفسق يذهب بالعدالة، والعدالة شرط في قبول الشهادة، وأنه لم يتب من فسقه هذا، والجلد، وإن كان مكفرا للإثم الذي ارتكبه ومخلصا له من عقاب الآخرة، إلا أنه لا يزيل عنه وصف الفسق الموجب لرد الشهادة.
ولكن إذا تاب وحسنت توبته، فهل يرد له اعتباره وتقبل شهادته أم لا؟.
اختلف الفقهاء في ذلك إلى رأيين:
(الرأي الأول) يرى قبول شهادة المحدود في قذف إذا تاب توبة نصرحا