ومنهم من ذهب إلى القول بكراهته.
أما الذين ذهبوا إلى تحريمه فهم المالكية والشافعية، والزيدية.
وحجتهم في التحريم أن الله سبحانه أمر بحفظ الفروج في كل الحالات، إلا بالنسبة للزوجة، وملك اليمين.
فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين واستمنى، كان من العادين المتجاوزين ما أحل الله لهم إلى ما حرمه عليهم. يقول الله سبحانه:
" والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ". (1) وأما الذين ذهبوا إلى التحريم في بعض الحالات، والوجوب في بعضها الآخر، فهم الأحناف فقد قالوا: إنه يجب الاستمناء إذا خيف الوقوع في الزنا بدونه، جريا على قاعدة: ارتكاب أخف الضررين.
وقالوا: إنه يحرم إذا كان لاستجلاب الشهوة وإثارتها.
وقالوا: إنه لا بأس به إذا غلبت الشهوة، ولم يكن عنده زوجة أو أمة واستمنى بقصد تسكينها.
وأما الحنابلة فقالوا: إنه حرام، إلا إذا استمنى خوفا على نفسه من الزنا، أو خوفا على صحته، ولم تكن له زوجة أو أمة، ولم يقدر على الزواج، فإنه لا حرج عليه.
وأما ابن حزم فيرى أن الاستمناء مكروه ولا إثم فيه، لان مس الرجل ذكره بشماله مباح بإجماع الأمة كلها. وإذا كان مباحا فليس هنالك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المني، فليس ذلك حراما أصلا، لقول الله تعالى:
" وقد فصل الله لكم ما حرم عليكم " (2).
وليس هذا ما فصل لنا تحريمه، فهو حلال لقوله تعالى:
" خلق لكم ما في الأرض جميعا ".
قال: وإنما كره الاستمناء لأنه ليس من مكارم الأخلاق ولا من الفضائل: