" تنازع أبوان صبيا عند بعض الحكام، فخيره بينهما، فاختار أباه، فقالت له أمه: أسأله لأي شئ يختار أباه، فسأله. فقال: أمي تبعثني كل يوم للكتاب، والفقيه يضربني، وأبي يتركني للعب مع الصبيان، فقضى به للام.
قال: أنت أحق به.
قال: قال شيخنا: وإذا ترك أحد الأبوين تعليم الصبي وأمره الذي أوجبه الله تعالى عليه، فهو عاص ولا ولاية له عليه، بل كل من لم يقم بالواجب في ولايته فلا ولاية له.
بل إما أن يرفع يده عن الولاية ويقام من يفعل الواجب وإما أن يضم إليه من يقوم معه بالواجب.
إذ المقصود طاعة الله ورسوله بحسب الامكان. انتهى.
الطفل بين أبيه وأمه:
قال الشافعية: فإن كان ابنا فاختار الام كان عندها بالليل ويأخذه الأب بالنهار في مكتب أو صنعة، لان القصد حظ الولد، وحظ الولد فيما ذكرناه، وإن اختار الأب كان عنده بالليل والنهار، ولا يمنعه من زيارة أمه، لان المنع من ذلك إغراء بالعقوق وقطع الرحم، فإن مرض كانت الام أحق بتمريضه، لأنه بالمرض صار كالصغير في الحاجة إلى من يقوم بأمره، فكانت الام أحق به، وإن كانت جارية فاختارت أحدهما كانت عنده بالليل والنهار، ولا يمنع الآخر من زيارتها من غير إطالة وتبسط، لان الفرقة بين الزوجين تمنع من تبسط أحدهما في دار الاخر، وإن مرضت كانت الام أحق بتمريضها في بيتها، وإن مرض أحد الأبوين والولد عند الآخر لم يمنع من عيادته، وحضوره عند موته لما ذكرناه، وإن اختار أحدهما فسلم إليه ثم اختار الاخر حول إليه، وإن عاد فاختار الأول أعيد إليه لان الاختيار إلى شهوته، وقد يشتهي المقام عند أحدهما في وقت، وعند الاخر في وقت، فاتبع ما يشتهيه كما يتبع ما يشتهيه من مأكول ومشروب.
الانتقال بالطفل:
قال ابن القيم: فإن كان سفر أحدهما لحاجة ثم يعود والآخر مقيم