أن يقصد الرجل القبر للسلام عليه ونحوه عند غير دخول المسجد، ورأي أن ذلك من الدعاء ونحوه اتخاذ له عيدا. وكذلك ابن عمه حسن بن حسن شيخ أهل بيته كره اتخاذه عيدا. فانظر هذه السنة كيف أن مخرجها من أهل المدينة وأهل البيت الذين لهم من رسول الله (ص) قرب النسب وقرب الدار لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم فكانوا له أضبط.
والعيد إذا جعل اسما للمكان فهو المكان الذي يقصد الاجتماع فيه وإتيانه للعبادة عنده أو لغير العبادة، كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة جعلها الله عيدا مثابة للناس، يجتمعون فيها وينتابونها للدعاء والذكر والنسك. وكان للمشركين أمكنة ينتابونها للاجتماع عندها، فلما جاء الاسلام محا الله ذلك كله. وهذا النوع من الأمكنة يدخل فيه قبور الأنبياء والصالحين).
ثم قال الشيخ (ص 175 - 181):
(ولهذا كره مالك رضي الله عنه وغيره من أهل العلم لأهل المدينة، كلما دخل أحدهم المسجد أن يجبئ فيسلم على قبر النبي (ص) وصاحبيه. قال: وإنما يكون ذلك لأحدهم إذا قدم. من سفر، أو أراد سفرا ونحو ذلك، ورخص بعضهم في السلام عليه إذا دخل المسجد للصلاة ونحوها، وأما قصده دائما للصلاة والسلام فما علمت أحدا رخص به، لان ذلك نوع من اتخاذه عيدا.. مع أنه قد شرح لنا إذا دخلنا المسجد أن نقول (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) (1) كما نقول ذلك في آخر صلاتنا.
قال: فخاف مالك وغيره أن يكون فعل ذلك عند القبر كل ساعة نوعا من اتخاذ القبر.
عيدا. وأيضا فإن ذلك بدعة، فقد كان المهاجرون والأنصار على عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم يجيئون إلى المسجد كل يوم لعلمهم رضي الله عنهم بما