وفي الباب عن بشير بن الخصاصية، وقد ذكرت لفظه في التعليق على المسألة (88)، (ص 135) وعن ابن عباس، وفيه ضعف كما يأتي التنبيه عليه في خاتمة المسألة الآتية بعد مسألة، وعن عمر وغيره، وفيها ضعف كما بينه الحافظ الهيثمي في (المجمع) (3 / 60).
122 - وأما قراءة القرآن عند زيارتها، فمما لا أصل له في السنة، بل الأحاديث المذكورة في المسألة السابقة تشعر بعدم مشروعيتها، إذ لو كانت مشروعة، لفعلها رسول الله (ص) وعلمها أصحابه، لا سيما وقد سألته عائشة رضي الله عنها - وهي من أحب الناس إليه (ص) - عما تقول إذا زارت القبور؟ فعلمها السلام والدعاء. ولم يعلمها أن تقرأ الفاتحة أو غيرها من القرآن، فلو أن القراءة كانت مشروعة لما كتم ذلك عنها، كيف وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في علم الأصول، فكيف بالكتمان، ولو أنه (ص) علمهم شيئا من ذلك لنقل إلينا، فإذ لم ينقل بالسند الثابت دل على أنه لم يقع.
ومما يقوي عدم المشروعية قوله (ص):
(لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة) أخرجه مسلم (2 / 188) والترمذي (4 / 42) وصححه وأحمد (2 / 284، 337، 378، 388) من حديث أبي هريرة.
وله شاهد من حديث الصلصال بن الدلهمس.
رواه البيهقي في (الشعب) كما في (الجامع الصغير).
فقد أشار (ص) إلى أن القبور ليست موضعا للقراءة شرعا، فلذلك حض على قراءة القرآن في البيوت ونهي عن جعلها كالمقابر التي لا يقرأ فيها، كما أشار في الحديث الاخر إلى أنها ليست موضعا لصلاة أيضا، وهو قوله:
(صلوا في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا).
أخرجه مسلم (2 / 187) وغيره عن ابن عمر، وهو - عند البخاري بنحوه، وترجم له بقوله: ب (باب كراهية الصلاة في المقابر) فأشار به إلى أن حديث ابن عمر يفيد كراهة