(اي مستقبلين إليها، لما فيه من التعظيم البالغ، لأنه من مرتبة المعبود، فجمع - يعنى الحديث بتمامه - بين النهي عن الاستخفاف بالتعظيم، والتعظيم البليغ) ثم قال في موضع آخر:
(فإن ذلك مكروه، فإن قصد إنسان التبرك بالصلاة في تلك البقعة فقد ابتدع في الدين ما لم يأذن به الله، والمراد كراهة التنزيه، قال النووي: كذا قال أصحابنا، ولو قيل بتحريمه لظاهر الحديث لم يبعد. ويؤخذ من الحديث النهي عن الصلاة في المقبرة، فهو مكروه كراهة تحريم).
وينبغي أن يعلم أن التحريم المذكور إنما هو إذا لم يقصد بالاستقبال تعظيم القبور، وإلا فهو شرك، قال الشيخ علي القاري في (المرقاة) (2 / 372) في شرحه لهذا الحديث:
(ولو كان هذا التعظيم حقيقة للقبر ولصاحبه لكفر المعظم، فالتشبه به مكروه، وينبغي أن يكون كراهة تحريم، وفي معناه بل أولى منه: الجنازة الموضوعة. وهو مما ابتلي به أهل مكة، حيث يضعون الجنازة عند الكعبة ثم يستقبلون إليها).
8 - الصلاة عندها ولو بدون استقبال، وفيه أحاديث:
الأول: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
(الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام).
أخرجه أصحاب السنن الأربعة إلا النسائي - وغيرهم بسند صحيح على شرط الشيخين كما قال الحاكم ووافقه الذهبي، وأعل بالارسال، وليس بشئ، ولو سلم به فقد جاء من طريق أخرى سالمة من الارسال وهي على شرط مسلم، وقد فصلت القول في ذلك في (الثمر المستطاب) في المبحث السادس من (الصلاة).
الثاني: عن آنس (أن النبي (ص) نهى عن الصلاة بين القبور).
قال في (المجمع) (2 / 27) (رواه البزار ورجاله رجال الصحيح).