غير هذا، وهو مما لا أعرفه.
فالحق أن الحديث لو ثبت سنده لكان دليلا واضحا على أن المار بالقبور يستقبلها بوجهه حين السلام عليها والدعاء لها، كيفما كان الاستقبال، وحسبما يتفق دون قصد لوجوه الموتى، أما والسند ضعيف كما سبق بيانه فلا يصلح للاستدلال به أصلا.
ولا ينافي ما تقدم عن الامام مالك من عدم مشروعية استقبال الحجرة عند الدعاء الحكاية التي جاء فيها أن مالكا لما سأله المنصور العباسي عن استقبال الحجرة، أمره بذلك، وقال: هو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم، لأنها حكاية باطلة، مكذوبة على مالك، وليس لها إسناد معروف، ثم هي خلاف الثابت المنقول عنه بأسانيد الثقات في كتب أصحابه كما ذكره إسماعيل في إسحاق القاضي وغيره.
ومثلها ما ذكروا عنه أنه سئل عن أقوام يطيلون القيام مستقبلي الحجرة يدعون لأنفسهم فأنكر مالك ذلك، وذكر أنه فمن البدع التي لم يفعلها الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وقال (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها) (1) 125 - وإذا زار قبر الكافر فلا يسلم عليه، ولا يدعو له، بل يبشره بالنار، كذلك أمر رسول الله (ص) في حديث سعد بن أبي وقاص قال:
(جاء أعرابي إلى النبي (ص) فقال: إن أبي كان يصل الرحم، وكان، وكان، فأين هو؟ قال: في النار، فكأن الاعرابي وجد من ذلك، فقال: يا رسول الله! فأين أبوك؟ قال:
(حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار).
قال: فأسلم الاعرابي بعد، فقال: لقد كلفني رسول الله (ص) تعبا! ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار).
أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) (1 / 191 / 1) وابن السني في (عمل اليوم والليلة)