وروى الشيخ الطوسي في كتاب " الغيبة " بإسناده عن البزنطي، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال علي بن الحسين، وعلي بن أبي طالب قبله، ومحمد بن علي وجعفر بن محمد:
" كيف لنا بالحديث مع هذه الآية يمحو الله.. فأما من قال بأن الله تعالى لا يعلم الشئ إلا بعد كونه فقد كفر وخرج عن التوحيد " (1).
والروايات المأثورة عن أهل البيت - ع - أن الله لم يزل عالما قبل أن يخلق الخلق، فهي فوق حد الاحصاء، وقد اتفقت على ذلك كلمة الشيعة الإمامية طبقا لكتاب الله وسنة رسوله، جريا على ما يقتضيه حكم العقل الفطري الصحيح.
ثمرة الاعتقاد بالبداء:
والبداء: إنما يكون في القضاء الموقوف المعبر عنه بلوح المحو والاثبات، والالتزام بجواز البداء فيه لا يستلزم نسبة الجهل إلى الله سبحانه وليس في هذا الالتزام ما ينافي عظمته وجلاله.
فالقول بالبداء: هو الاعتراف الصريح بأن العالم تحت سلطان الله وقدرته في حدوثه وبقائه، وأن إرادة الله نافذة في الأشياء أزلا وأبدا، بل وفي القول بالبداء يتضح الفارق بين العلم الإلهي وبين علم المخلوقين، فعلم المخلوقين - وإن كانوا أنبياء أو أوصياء - لا يحيط بما أحاط به علمه تعالى، فإن بعضا منهم وإن كان عالما - بتعليم الله إياه - بجميع عوالم الممكنات لا يحيط بما أحاط به علم الله المخزون الذي استأثر به لنفسه، فإنه لا يعلم بمشيئة الله تعالى - لوجود شئ - أو عدم مشيئته إلا حيث يخبره الله تعالى به على نحو الحتم.