والقول بالبداء: يوجب انقطاع العبد إلى الله وطلبه إجابة دعائه منه وكفاية مهماته، وتوفيقه للطاعة، وإبعاده عن المعصية، فإن إنكار البداء والالتزام بأن ما جرى به قلم التقدير كائن لا محالة - دون استثناء - يلزمه يأس المعتقد بهذه العقيدة عن إجابة دعائه، فإن ما يطلبه العبد من ربه إن كان قد جرى قلم التقدير بإنفاذه فهو كائن لا محالة، ولا حاجة إلى الدعاء والتوسل، وإن كان قد جرى القلم بخلافه لم يقع أبدا، ولم ينفعه الدعا ولا التضرع، وإذا يئس العبد من إجابة دعائه ترك التضرع لخالقه، حيث لا فائدة في ذلك، وكذلك الحال في سائر العبادات والصدقات التي ورد عن المعصومين - ع - أنها تزيد في العمر أو في الرزق أو غير ذلك مما يطلبه العبد.
وهذا هو سر ما ورد في روايات كثيرة عن أهل البيت عليهم السلام من الاهتمام بشأن البداء.
فقد روى الصدوق في كتاب " التوحيد " بإسناده عن زرارة عن أحدهما عليه السلام قال: " ما عبد الله عز وجل بشئ مثل البداء " (1). وروى بإسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ما عظم الله عز وجل بمثل البداء " (2).
وروى بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
" ما بعث الله عز وجل نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال: الاقرار بالعبودية وخلع الأنداد، وأن الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء " (3).
والسر في هذا الاهتمام: أن إنكار البداء يشترك بالنتيجة مع القول بأن الله