قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: معنى قوله صلى الله عليه وآله: " إن لك كنزا في الجنة " يعني مفتاح نعيمها، وذلك أن الكنز في المتعارف لا يكون إلا المال من ذهب وفضة ولا يكنز إلا لخيفة الفقر ولا يصلحان إلا للانفاق في أوقات الافتقار إليهما ولا حاجة في الجنة ولا فقر ولا فاقه لأنها دار السلام من جميع ذلك ومن الآفات كلها وفيها ما تشتهي الأنفس، وتلذ الأعين فهذا الكنز هو المفتاح وذلك أنه عليه السلام قسيم الجنة وإنما صار عليه السلام قسيم الجنة والنار لان قسمة الجنة والنار إنما هي على الايمان والكفر، وقد قال له النبي صلى الله عليه وآله: " يا علي حبك إيمان وبغضك نفاق وكفر " فهو عليه السلام بهذا الوجه قسيم الجنة والنار. وقد سمعت بعض المشايخ يذكر أن هذا الكنز هو ولده المحسن عليه السلام وهو السقط الذي ألقته فاطمة عليها السلام لما ضغطت بين البابين واحتج في ذلك بما روي في السقط من أنه يكون محبنطأ (1) على باب الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: لا حتى يدخل أبواي قبلي. وما روي أن الله تعالى كفل سارة وإبراهيم أولاد المؤمنين يغذونهم بشجر في الجنة لها أخلاف (2) كأخلاف البقر فإذا كان يوم القيامة البسوا وطيبوا (3) وأهدوا إلى آبائهم فهم في الجنة ملوك مع آبائهم. وأما قوله صلى الله عليه وآله:
" وأنت ذو قرنيها " فإن قرني الجنة الحسن والحسين لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
إن الله عز وجل يزين بهما جنته كما تزين المرأة بقرطيها (4) وفي خبر آخر يزين الله بها عرشه، وفي وجه آخر معنى قوله صلى الله عليه وآله: " وأنت ذو قرنيها " أي إنك صاحب قرني الدنيا وإنك الحجة على شرق الدنيا وغربها وصاحب الامر فيها والنهي فيها، وكل ذي قرن في الشاهد إذا اخذ بقرنه فقد اخذ به: وقد يعبر عن الملك بالأخذ بالناصية كما قال عز وجل: " ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها (5) " ومعناه على هذا: أنه عليه السلام مالك