حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٥٥٦
على رجل بما تحته وقبضه ثم باع منه ما بقي فليس للجار شفعة، فإن طلب يمين المشتري بالله تعالى ما فعل الأول ضررا ولا فرارا من الشفعة على وجه التلجئة له ذلك لأنه يدعي عليه معنى لو أقر به لزمه وهو خصم، فإن حلف فلا شفعة، وإلا ثبتت لأنه ثبت كونه جارا ملازقا اه‍. وقال الامام قاضيخان بعد عبارته السابقة: لكن إن أراد تحليف المشتري أن البيع الأول ما كان تلجئة له ذلك لأنه ادعى عليه معنى لو أقر به يلزمه، قال: وما ذكر في الأصل أن الشفيع إذا أراد تحليفه أنه لم يرد به إبطال الشفعة كان له ذلك معناه إذا ادعى أن البيع كان تلجئة اه‍. ومثله في التجنيس والمزيد لصاحب الهداية، وقدمه الشارح عن مؤيد زاده معزوا للوجيز وبه ظهر عدم المنافاة بين ما ذكره الشارح هنا تبعا للأشباه وبين ما يأتي عن الوهبانية، وقدمنا أن بيع التلجئة هو أن يظهرا عقدا لا يريد أنه إلخ فيكون البيع باطلا.
هذا، ولا يخفى أن المفهوم مما نقلناه أن المتعاقدين إن قصدا حقيقة البيع فرارا من الشفعة كان بيعا جائزا وإلا بل أظهراه للشفيع لم يكن جائزا لأنه تلجئة، ولذا يجاب الشفيع إلى التحليف لو ادعى الثاني دون الأول، وليس في كلامهم أن كل ما يحتال به لابطال الشفعة يكون تلجئة وإلا بطل قولهم: إنه ليس له أن يحلفه أنه ما فعل هذا فرارا من الشفعة إلخ، فمن استشكل ذلك وقال: لم أر من تعرض لذكره ثم أجاب بما لا يجدي فقد خفى عليه المرام، فاغتنم هذا التحقيق في هذا المقام. قوله: (تعليق إبطالها بالشرط جائز) قال في الجامع الصغير: لو قال الشفيع سلمت لك الشفعة إن كانت اشتريتها لنفسك وقد اشتراها لغيره فليس بتسليم، لان تسليم الشفعة إسقاط محض كالطلاق والعتاق فصح تعليقه بالشرط ولا ينزل إلا بعد وجوده اه‍. قال في العناية: وهذا يناقض قول المصنف: يعني صاحب الهداية فيما تقدم: ولا يتعلق إسقاطه بالجائز من الشروط فبالفاسد أولى اه‍.
قال الطوري: وقد يجاب بالفرق بين شرط وشرط، فما سبق في الذي يدل على الاعراض عن الشفعة والرضا بالمجاورة وما هنا فيما لا يدل على ذلك اه‍.
أقول: وأورد في الظهيرية على ما في الجامع ما ذكره السرخسي في مبسوطه أن القصاص لا يصح تعليق إسقاطه بالشرط ولا يحتمل الإضافة إلى الوقت وإن كان إسقاطا محضا، ولهذا لا يرتد برد من عليه القصاص، ولو أكره علي إسقاط الشفعة لا تبطل. قال: وبهذا يتبين أن تسليمها ليس بإسقاط محض، وإلا لصح مع الاكراه كعامة الإسقاطات اه‍. وبنى على ذلك الخير الرملي أن الشفيع لو قال قبل البيع إن اشتريت فقد سلمتها أنه لا يصح، وقدمنا ذلك قبيل باب الصرف فراجعه. قوله: (يقول هذه الدار داري إلخ) لأنه إذا ادعى رقبتها تبطل شفعته، وإذا ادعى الشفعة تبطل دعواه في الرقبة لأنه يصير متناقضا، فإذا قال ذلك لا يتحقق السكوت عن طلب الشفعة لان الجملة كلام واحد، وأفاد أبو السعود أن هذا مبني على اشتراط الطلب فورا، وأما على الصحيح (1) من أن له الطلب في مجلس علمه

(1) قوله: (واما على الصحيح الخ) قال مولانا: هذا مقيد بما إذا لم يحصل في المجلس ما يدل على الاعراض، وحينئذ فلا مخلص الا ما قاله الشارح فإنه بدعوى الرقبة يكون معرضا ا ه‍.
(٥٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754