أيضا السعاية الموجبة للضمان أن يتكلم بكذب يكون سببا لاخذ المال منه، أو لا يكون قصده إقامة الحسبة كما لو قال إنه وجد مالا وقد وجد المال فهذا يوجب الضمان، إذ الظاهر أن السلطان يأخذ منه المال بهذا السبب اه. قوله: (وبه يفتى) أي دفعا للفساد وزجرا له وإن كان غير مباشر، فإن السعي سبب محض لاهلاك المال والسلطان يغرمه اختيارا لا طبعا، هذا وفي الإسماعيلية ما يفيد أنه ورد نهي سلطاني عن سماع القضاة هذا الدعوى، فإنه أفتى بأنه لا يقضي عليه بالضمان إلا بأمر سلطاني. قوله:
(وعزر) قال في الخيرية: وقد جوز السيد أبو شجاع قتله، فإنه ممن يسعى في الأرض بإفساد ويثاب قاتلهم، وكان يفتى بكفرهم، ومختار المشايخ أنه لا يفتى بكفرهم، وجواز القتل لا يدل على الكفر كما في القطاع والأعونة من المحاربين الله ورسوله. قاله في البزازية اه. قوله: (ونقل المصنف) أي عن العمادية: فيما لو ادعى عليه سرقة فحبس، فسقط من السطح لما أراد أن ينفلت خوفا من التعذيب فمات ثم ظهرت السرقة على يد غيره، ثم نقل المصنف عن القنية: شكى عند الوالي حق وأتى بقائد فضرب المشكو فكسر سنه أو يده يضمن الشاكي أرشه كالمال، وقيل إن من حبس بسعاية فهرب وتسور جدار السجن فأصاب بدنه تلف يضمن الساعي، فكيف هنا؟ فقيل: أتفتي بالضمان في مسألة الهرب؟ قال: لا إلخ. تأمل. قوله: (غرم الشاكي) أي لو بغير حق كما يفهم مما مر من عدم غرامة الأموال فليكن مثلها غرامة النفس. سائحاني.
قلت: ويؤخذ أيضا من قول العمادية: ثم ظهرت السرقة على يد غيره كما مر. تأمل. قوله:
(والفرق إلخ) استشكله في جامع الفصولين بما في فوائد صاحب المحيط: أمر قن غيره بإتلاف مال رجل يغرم مولاه ثم يرجع على آمره، إذ الآمر صار مستعملا للقن فصار غاصبا. قال: ويمكن الجواب بأنه لا ضمان على القنو ولا على مولاه في إتلاف مال مولاه فلا رجوع على الآمر، بخلاف إتلاف مال غيره، أو في المسألة روايتان لكنه يفيد أن الآمر يضمن، وإن لم يكن سلطانا ولا مولى ويأتي خلافه. قال: ويمكن الجواب بأن المراد ثمة هو الضمان الابتدائي الذي بطريق الاكراه، ألا ترى أن المباشر لا يضمن ثمة، بخلاف ما نحن فيه فافترقا.
مطلب: الآمر لا ضمان عليه إلا في ستة قوله: (واعلم أن الآمر لا ضمان عليه) فلو خرق ثوبا بأمر غيره ضمن المخرق لا الآمر. جامع الفصولين.