واختلفوا في تفسير النقصان، قال نصير بن يحيى: أنه ينظر بكم تستأجر هذه الأرض قبل الاستعمال وبعده، فيضمن ما تفاوت بينهما من النقصان، وقال محمد بن سلمة: يعتبر ذلك بالشراء:
يعني أنه ينظر بكم تباع قبل الاستعمال وبكم تباع بعده، فنقصانها ما تفاوت من ذلك فيضمنه وهو الأقيس. قال الحلواني: وهو الأقرب إلى الصواب، وبه يفتى كما في الكبرى، لان العبرة لقيمة العين لا المنفعة، ثم يأخذ الغاصب رأس ماله وهو البذر وما غرم من النقصان وما أنفق على الزرع، ويتصدق بالفضل عند الإمام محمد، فلو غصب أرضا فزرعها كرين فأخرجت ثمانية ولحقه من المؤنة قدر كر ونقصها قدر كر فإنه يأخذ أربعة أكرار ويتصدق بالباقي، وقال أبو يوسف: لا يتصدق بشئ، وبيانه في التبيين. قال في الدر المنتقى: وأفاد أنه لا يصرفه لحاجته إلا إذا كان فقيرا كالغني لو تصرف تصدق بمثله، ولو أدى لمالكه حل له التناول لزوال الخبث، ولا يصير حلالا بتكرار العقود وتداول الألسنة. ذكره القهستاني. قوله: (فيعطي ما زاد البذر) التفريع غير ظاهر. قال في المنح عن المجتبى:
زرع أرض غيره ونبت، فللمالك أن يأمره بقلعه، فإن أبى يقلعه بنفسه، وقبل النبات ترك الأرض حتى تنبت، فيأمره بقلعه أو أعطاه ما زاد البذر، فتقوم مبذورة ببذر غيره له حق القلع، وتقوم غير مبذورة فيعطى فضل ما بينهما. وعن أبي يوسف أن يعطيه مثل بذره، والأول أصح اه. قوله: (وتمامه في المجتبى) حيث قال بعد ما مر: ولو زرعها أحد الشريكين بغير إذن صاحبه فدفع إليه صاحبه نصف البذر ليكون الزرع بينهما قبل النبات لم يجز، وبعده يجوز، وإن أراد قلع الزرع من نصيبه يقاسمه الأرض فيقلعه من نصيبه ويضمن الزارع نقصان الأرض بالقلع. قال أستاذنا: الصواب نقصان الزرع (1) كما ذكره القدوري في شرحه اه. قال الشيخ خير الديم: الظاهر أن الصواب الأول كما هو المروي لنقصها بقلع الزرع منها قبل إدراكه لضعفها عن الغلة الكاملة في عامها ذلك كما هو مشاهد، وأما الثاني فليس له وجه. قوله: (بفعله) عبارة الهداية: بفعله أو بفعل غيره، قال الإتقاني: لأنه مضمون عليه بمجرد الغصب، فلم يتفاوت هلاكه بفعله أو بغير فعله، ولذا وجب عليه قيمته يوم الغصب اه. وقوله: أو بغير فعله أعم من قول الهداية أو بفعل غيره لشموله نحو العور والشلل والصم فإنه يضمن به أيضا كما صرح به في مسكين. قوله: (ضمن هو لا الغاصب) كذا في جامع الفصولين وهو مناسب لتقييده أو لا بفعله، لكن علمت ما فيه. وقال السائحاني: الذي في المقدسي إن كان النقص بفعل الغير خير المالك بين تضمين الغاصب، ويرجع على الجاني أو يضمن الجاني، ولا يرجع على أحد اه. ونقله ط عن الهندية: وفي الجوهرة: فإن كان بفعل غيره رجع عليه بما ضمن، لأنه قرر عليه ضمانا كان يمكنه أن يتخلص منه برد العين اه.