الضأن إذا كان ضخما ولا يجوز ذبح الهدى الذي أوجب الا في الحرم لقوله تعالى ثم محلها إلى البيت العتيق ولم يرد به نفس البيت بل البقعة التي هو فيها وهي الحرم لان الدم لا يراق في البيت والمراد من قوله تعالى وليطوفوا بالبيت العتيق نفس البيت لأنه هناك ذكر الطواف بالبيت وههنا اضافه إلى البيت لذلك افترقا ولان الهدى اسم لما يهدى إلى مكان الهدايا ومكان الهدايا هو الحرم ولا يحل له الانتفاع بها ولا بشئ منها الا في حال الضرورة فان اضطر إلى ركوبها ركبها ويضمن ما نقص ركوبه عليها وهذه من مسائل المناسك ولو أوجب على نفسه أن يهدى مالا بعينه فإن كان مما لا يحتمل الذبح يلزمه أن يتصدق به أو بقيمته على فقراء مكة وإن كان مما يذبح ذبحه في الجرم وتصدق بلحمه على فقراء مكة ولو تصدق به على فقراء الكوفة جاز كذا ذكر في الأصل ولو أوجب بدنة فذبحها في الحرم وتصدق على الفقراء جاز بالاجماع ولو ذبح في غير الحرم وتصدق باللحم على الفقراء جاز عن نذره في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وعند أبي يوسف رحمه الله لا يجوز ولو أوجب جزورا فله أن ينحره في الحل والحرم ويتصدق بلحمه وهذه من مسائل الحج ولو قال ما أملك هدى أو قال ما أملك صدقة يمسك بعض ماله ويمضى الباقي لأنه أضاف الهدى والصدقة إلى جميع ما يملكه فيتناول كل جنس من جنس أمواله ويتناول القليل والكثير الا أنه يمسك بعضه لأنه لو تصدق بالكل لاحتاج إلى أن يتصدق عليه فيتضرر بذلك وقد قال عليه الصلاة والسلام ابدأ بنفسك ثم بمن تعول فكان له أن يمسك مقدار ما يعلم أنه يكفيه إلى أن يكتسب فإذا اكتسب مالا تصدق بمثله لأنه انتفع به مع كونه واجب الاخراج عن ملكه لجهة الصدقة فكان عليه عوضه كمن أنفق ماله بعد وجوب الزكاة عليه ولو قال مالي صدقة فهذا على الأموال التي فيها الزكاة من الذهب والفضة وعروض التجارة والسوائم ولا يدخل فيه ما لا زكاة فيه فلا يلزم ان يتصدق بدور السكنى وثياب البدن والأثاث والعروض التي لا يقصد بها التجارة والعوامل وأرض الخراج لأنه لا زكاة فيها ولا فرق بين مقدار النصاب وما دونه لأنه مال الزكاة ألا ترى أنه إذا انضم إليه غيره تجب فيه الزكاة ويعتبر فيه الجنس لا القدر ولهذا قالوا إذا نذر أن يتصدق بماله وعليه دين محيط أنه يلزمه أن يتصدق به لأنه جنس مال تجب فيه الزكاة وان لم تكن واجبة فان قضى دينه به لزمه التصدق بمثله لما ذكرنا فيما تقدم وهذا الذي ذكرنا استحسان والقياس أن يدخل فيه جميع الأموال كما في فصل الملك لان المال اسم لما يتمول كما أن الملك اسم لما يملك فيتناول جميع الأموال كالملك (وجه) الاستحسان ان النذر يعتبر بالامر لان الوجوب في الكل بايجاب الله جل شأنه وإنما وجد من العبد مباشرة السبب الدال على ايجاب الله تعالى ثم الايجاب المضاف إلى المال من الله تعالى في الامر وهو الزكاة في قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة وقوله عز شأنه وفى أموالهم حق معلوم ونحو ذلك تعلق بنوع دون نوع فكذا في النذر وقد قال أبو يوسف رحمه الله قياس قول أبي حنيفة عليه الرحمة إذا حلف لا يملك مالا ولا نية له وليس له مال تجب فيه الزكاة يحنث لأن اطلاق اسم المال لا يتناول ذلك وقال أبو يوسف ولا أحفظ عن أبي حنيفة إذا نوى بهذا النذر جميع ما يملك داره تدخل في نذره لان اللفظ يحتمله وفيه تشديد على نفسه وقال أبو يوسف ويجب عليه أن يتصدق بما دون النصاب ولا أحفظه عن أبي حنيفة رحمه الله والوجه ما ذكرنا وإذا كانت له ثمرة عشرية أو غلة عشرية تصدق بها في قولهم لان هذا مما يتعلق به حق الله تعالى وهو العشر وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا تدخل الأرض في النذر وقال أبو يوسف يتصدق بها لأبي يوسف انها من جملة الأموال النامية التي يتعلق حق الله تعالى بها فتدخل في النذر ولأبي حنيفة رضي الله عنه ان حق الله تعالى لا يتعلق بها وإنما يتعلق بالخارج منها فلا تدخل قال بشر عن أبي يوسف إذا جعل الرجل على نفسه أن يطعم عشرة مساكين ولم يسم فعليه ذلك فان أطعم خمسة لم يجزه لان النذر يعتبر بأصل الايجاب ومعلوم ان ما أوجبه ينبغي أن يكون لعدد من المساكين لا يجوز دفعه إلى بعضهم الا على التفريق في الأيام فكذا النذر ولو قال لله على أن أتصدق بهذه الدراهم على المساكين فتصدق بها على واحد أجزأه لأنه يجوز دفع الزكاة إلى مسكين واحد وإن كان المذكور فيها جميع المساكين لقول الله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين كذلك النذر ولو قال لله على أن أطعم هذا المسكين هذا
(٨٦)