فهو على الوعد لأنه غلب استعماله فيه فعند الاطلاق يحمل عليه هذا إذا لم يعلقه بالشرط فان علقه بالشرط بأن قال إن فعلت كذا فانا أحرم فهو على الوجوه التي بينا أنه ان نوى الايجاب يكون ايجابا وان نوى الوعد يكون وعدا لما قلنا وان لم يكن له نية فهو على الايجاب بخلاف الفصل الأول لان العدات لا تتعلق بالشروط وان الواجبات تتعلق بها فالمعرفة إلى الايجاب بقرينة التعليق بالشرط ولم توجد القرينة في الفصل الأول فصار الحاصل ان هذا اللفظ في غير المعين بالشرط على الوعد الا أن ينوى به الايجاب وفى المعلق يقع على الايجاب الا أن ينوى به الوعد ولو قال لله تعالى على أن أنحر ولدى أو أذبح ولدى يصح نذره ويلزمه الهدى وهو نحر البدنة أو ذبح الشاة والأفضل هو الإبل ثم البقر ثم الشاة وإنما ينحر أو يذبح في أيام النحر سواء كان في الحرم أو لا وهذا استحسان وهو قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله والقياس أن لا يصح نذره وهو قول أبى يوسف وزفر والشافعي رحمهم الله (وجه) القياس أنه نذر بما هو معصية والنذر بالمعاصي غير صحيح ولهذا لم يصح بلفظ القتل (وجه) الاستحسان قول النبي عليه الصلاة والسلام من نذر أن يطيع الله فليطعه وقوله عليه الصلاة والسلام من نذر وسمى فعليه الوفاء بما سمى والمراد من الحديثين النذر بما هو طاعة مقصودة وقربة مقصودة وقد نذر بما هو طاعة مقصودة وقربة مقصودة لأنه نذر بذبح الولد تقديرا بما هو خلف عنه وهو ذبح الشاة فيصح النذر بذبح الولد على وجه يظهر أثر الوجوب في الشاة التي هي خلف عنه كالشيخ الفاني إذا نذر أن يصوم رجب أنه يصح نذره وتلزمه الفدية خلفا عن الصوم ودليل ما قلنا الحديث وضرب من المعقول (أما) الحديث فقول النبي عليه الصلاة والسلام أنا ابن الذبيحين أراد أول آبائه من العرب وهو سيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام وآخر آبائه حقيقة وهو عبد الله بن عبد المطلب سماهما عليه الصلاة والسلام ذبيحين ومعلوم انهما ما كانا ذبيحين حقيقة فكانا ذبيحين تقديرا بطريق الخلافة لقيام الخلاف مقام الأصل (وأما) المعقول فلان المسلم إنما يقصد بنذره التقرب إلى الله تعالى الا انه عجز عن التقرب بذبح الولد تحقيقا فلم يكن ذلك مرادا من النذر وهو قادر على ذبحه تقديرا بذبح الخلف وهو ذبح الشاة فكان هذا نذرا بذبح الولد تقديرا بذبح ما هو خلف عنه حقيقة كالشيخ الفاني إذا نذر بالصوم وإنما لا يصح بلفظ القتل لان التعيين بالنذر وقع للواجب على سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام والواجب هناك بالايجاب المضاف إلى ذبح الولد بقوله تعالى عز شأنه إني أرى في المنام أنى أذبحك على أن هذا حكم ثبت استحسانا بالشرع والشرع إنما ورد بلفظ القتل ولا يستقيم لان لفظ القتل لا يستعمل في تفويت الحياة على سبيل القربة والذبح يستعمل في ذلك ألا ترى أنه لو نذر بقتل شاة لا يلزمه ولو نذر بذبحها لزمه ولو نذر بنحر نفسه لم يذكر في ظاهر الروايات وذكر في نوادر هشام أنه على الاختلاف الذي ذكرنا ولو نذر بنحر ولد ولده ذكر في شرح الآثار أنه على الاختلاف ولو نذر بنحر والديه أو جده أو جدته يصح نذره عند أبي حنيفة رحمه الله وعند الباقين لا يصح ولو نذر بذبح عبده عند محمد رحمه الله يصح وعند الباقين لا يصح وإنما اختلف أبو حنيفة ومحمد فيما بينهما مع اتفاقهما في الولد لاختلافهما في المعنى في الولد فالمعنى في الولد عند أبي حنيفة رحمه الله هو أنه نذر بالتقرب إلى الله تعالى بذبح ما هو أعز الأشياء عنده وهذا المعنى يوجد في الوالدين ولا يوجد في العبد وعند محمد رحمه الله المعنى في الولد ان النذر بذبحه تقرب إلى الله تعالى بما هو من مكاسبه والولد في معنى المملوك له شرعا قال النبي عليه الصلاة والسلام ان أطيب ما أكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه فعدى الحكم إلى المملوك حقيقة وهو العبد والى النفس وولد ولده لكونهما في معنى المملوك له ولم يعد إلى الوالدين لانعدام هذا المعنى وعلى هذا القياس ينبغي أن يصح نذر الجد بذبح الحافد وعند محمد لا يصح وإذا أوجب على نفسه الهدى فهو بالخيار بين الأشياء الثلاثة ان شاء أهدى شاة وان شاء بقرة وان شاء إبلا وأفضلها أعظمها لان اسم الهدى يقع على كل واحد منهم ولو أوجب على نفسه بدنة فهو بالخيار بين شيئين الإبل والبقر والإبل أفضل لان اسم البدانة يقع على كل واحد منهما ولو أوجب جزورا فعليه الإبل خاصة لان اسم الجزور يقع عليه خاصة ولا يجوز فيهما الا ما يجوز في الأضاحي وهو الثنى من الإبل والبقر والجذع من
(٨٥)