دخل الثاني الدار فاته يلزمه المشي ولا يلزمه العتاق والطلاق ثم قال الا ترى أنه لو قال على طلاق امرأتي فان الطلاق لا يقع عليها وهذا يدل على أن من قال الطلاق على واجب انه لا يقع طلاقه قال القدوري رحمه الله وكان أصحابنا بالعراق يقولون فيمن قال الطلاق لي لازم يقع الطلاق لعرف الناس أنهم يريدون به الطلاق وكان محمد بن سلمة يقول إن الطلاق يقع بكل حال وحكى الفقيه أبو جعفر الهندواني عن علي بن أحمد بن نصير بن يحيى عن محمد بن مقاتل رحمهم الله أنه قال المسألة على الخلاف قال أبو حنيفة عليه الرحمة إذا قال الطلاق لي لازم أو على واجب لم يقع وقال محمد يقع في قوله لازم ولا يقع في قوله واجب وحكى ابن سماعة في نوادره عن أبي يوسف في رجل قال ألزمت نفسي طلاق امرأتي هذه أو الزمت نفسي عتق عبدي هذا قال إن نوى به الطلاق والعتاق فهو واقع والا لم يلزمه وكذلك لو قال ألزمت نفسي طلاق امرأتي هذه أن دخلت الدار أو عتق عبدي هذا فدخل الدار وقع الطلاق والعتاق ان نوى ذلك وان لم ينو فليس بشئ جعله بمنزلة كنايات الطلاق وجه قول محمد عليه الرحمة ان الوقوع للعادة والعادة في اللزوم لأنهم يذكرونه على إرادة الايقاع ولا عادة في الايجاب فلا يقع به شئ ولأبي يوسف رحمه الله ان الظاهر الالزام والايجاب للنذر ويحتمل أن يراد به التزام حكم الطلاق الواقع فيقف على النية كسائر كنايات الطلاق ولأبي حنيفة رحمه الله ان الطلاق لا يحتمل الايجاب والالزام لأنه ليس بقربة فبطل وروى ابن سماعة عن أبي يوسف إذا قال رجل امرأة زيد طالق ثلاثا ورقيقه أحرار وعليه المشي إلى بيت الله جل شأنه ان دخل هذه الدار فقال زيد نعم كان كأنه قد حلف بذلك كله لان نعم جواب لا يستقل بنفسه فيتضمن اضمار ما خرج جوابا له كما في قوله عز شأنه فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم تقديره نعم وجدنا ما وعدنا ربنا حقا وكالشهود إذا قرأوا على المشهود عليه كتاب الوثيقة فقالوا نشهد عليك بما فيه فقال نعم ان لهم أن يشهدوا لان تقديره نعم اشهدوا على بما في الكتاب ولو لم يكن قال نعم ولكنه قال أجزت ذلك فهذا لم يحلف على شئ لان قوله أجزت ليس بايجاب والتزام فلا يلزمه شئ فان قال قد أجزت ذلك على أن دخلت الدار أو قال ألزمت نفسي ذلك ان دخلت الدار كان لازما له لأنه التزم ما قاله فلزمه ولو أن رجلا قال امرأة زيد طالق فقال زيد قد أجزت لزمه الطلاق وكذلك لو قال قد رضيت ما قال أو ألزمته نفسي لان هذا ليس بيمين بل هو ايقاع فيقف على الإجازة فأما اليمين فيحتاج إلى الالتزام ليجوز على الحالف وينفذ عليه فلا بد من لفظا الالتزام ولو أن رجلا قال إن بعت هذا المملوك من زيد فهو حر فقال زيد قد أجزت ذلك أو رضيت ذلك ثم اشتراه لم يعتق لان الحالف أعتق عبده بشرط فوجد الشرط في غير ملكه فلم يحنث ولا يتعلق بالإجازة حكم لان البائع لم يوقت اليمين وإنما حلف في ملك نفسه ولو كان البائع قال إن اشترى زيد هذا العبد فهو حر فقال نعم ثم اشتراه عتق عليه لان البائع لم يعقد اليمين في ملك نفسه وإنما أضافها إلى ملك المشتري فصار عاقد اليمين موقوفة وقد أجازها من وقفت عليه فتعلق الحكم بها وقال ابن سماعة عن أبي يوسف لو أن رجلا طلق امرأته فقال آخر على مثل ذلك فان هذا لا يلزم الثاني وكذلك لو قال على مثل هذا الطلاق لان قوله على مثل ذلك ايجاب الطلاق على نفسه والطلاق لا يحتمل الايجاب ولو حلف رجل بطلاق امرأته لا يدخل هذه الدار فقال آخر على مثل ذلك ان دخلتها فان دخلها الثاني لم يلزمه طلاق امرأته لأنه أوجب على نفسه الطلاق ان دخل الدار والطلاق لا يحتمل الايجاب والالزام لأنه ليس بقربة فان أراد بهذا الايجاب اليمين فليست بطلاق حتى تطلق فإن لم يفعل حتى مات أحدهما حنث لان النذر إذا أريد به اليمين صار كأنه قال لا طلقتها ولو قال ذلك لا يحنث حتى يموت أحدهما كذا هذا ولو قال عبدي هذا حر ان دخلت هذه الدار فقال آخر على مثل ذلك أن دخلت هذه الدار فدخل الثاني لم يعتق عبده لأنه أوجب على نفسه بدخول الدار عتقا غير معين فكان له أن يخرج منه بشراء عبد يعتقه فلا يتعلق العتق بعبيده الموجودين لا محالة وإذا لم يتعلق بهم لا يلزمه عتق في ذمته لأنه لو لزمه لم يكن ذلك مثل ما فعله الحالف ولو أن رجلا قال لله على نسمة ان دخلت هذه الدار فقال آخر على مثل ذلك أن دخلت فهذا لازم للأول ولازم للثاني أيهما دخل لزمه نسمة لان الأول أوجب
(٨٩)