بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٩١
كذا يخرج عنه بالكفارة وهو بالخيار ان شاء وفى بالنذر وان شاء كفر وأصحاب الشافعي رحمه الله يسمون هذا يمين الغصب وروى عامر عن علي بن معبد عن محمد رحمهم الله أنه رجع عن ذلك وقال يجزى فيه كفارة اليمين وروى عبد الله بن المبارك وغيره عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يجزيه كفارة اليمين وروى أن أبا حنيفة عليه الرحمة رجع إلى الكفارة في آخر عمره فإنه روى عن عبد العزيز بن خالد أنه قال قرأت على أبي حنيفة رحمه الله كتاب الايمان فلما انتهيت إلى هذه المسألة قال قف فان من رأيي أن أرجع إلى الكفارة قال فخرجت حاجا فلما رجعت وجدت أبا حنيفة عليه الرحمة قد مات فأخبرني الوليد بن أبان أن أبا حنيفة رجع عن الكفارة والمسألة مختلفة بين الصحابة رضي الله عنهم روى عن علي و عبد الله بن عباس رضي الله عنهم ان عليه الوفاء بما سمى وعن سيدنا عمر وعبد الله بن سيدنا عمر وسيدتنا عائشة وسيدتنا حفصة رضي الله عنهم ان عليه الكفارة احتج من قال بوجوب الكفارة بقوله جلت عظمته ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان وقوله جل شأنه ذلك كفارة أيمانكم وهذا يمين لان اليمين بغير الله تعالى جل شأنه شرط وجزاء وهذا كذلك وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال النذر يمين وكفارته كفارة اليمين وهذا نص ولان هذا في معنى اليمين بالله تعالى جل شأنه لا المقصد من اليمين بالله تعالى الامتناع من المخلوف عليه أو تحصيله خوفا من لزوم الحنث وهذا موجود ههنا لأنه ان قال إن فعلت كذا فعلى حجة فقد قصد الامتناع من تحصيل الشرط وان قال إن لم أفعل كذا فعلى حجة فقد قصد تحصيل الشرط وكل ذلك خوفا من الحنث فكان في معنى اليمين بالله تعالى فتلزمه الكفارة عند الحنث (ولنا) قوله جل شأنه ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله الآية وغيرها من نصوص الكتاب العزيز والسنة المقتضية لوجوب الوفاء بالنذر عاما مطلقا من غير فصل بين المطلق والمعلق بالشرط والوفاء بالنذر هو فعل ما تناوله النذر لا الكفارة ولان الأصل اعتبار التصرف على الوجه الذي أوقعه المتصرف تنجيزا كان أو تعليقا بشرط والمتصرف أوقعه نذرا عليه عند وجود الشرط وهو ايجاب الطاعة المذكورة لا ايجاب الكفارة واحتج أبو يوسف رحمه الله في ذلك وقال القول بوجوب الكفارة يؤدى إلى وجوب القليل بايجاب الكثير ووجوب الكثير بايجاب القليل لأنه لو قال إن فعلت كذا فعلى صوم سنة أو اطعام ألف مسكين لزمه صوم ثلاثة أيام أو اطعام عشرة مساكين ولو قال أن فعلت كذا فعلى صوم يوم أن اطعام مسكين لزمه اطعام عشرة مساكين أو صوم ثلاثة ولا حجة لهم بالآية الكريمة لان المراد بها اليمين بالله عز شأنه لان الله تعالى أثبت باليمين المعقودة ما نفاه بيمين اللغو بقوله تعالى جلت كبرياؤه لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان والمراد من النفي اليمين بالله تعالى كذا في الاثبات والحديث محمول على النذر المبهم توفيقا بين الدلائل صيانة لها عن التناقض وأما قولهم إن هذا في معنى اليمين بالله تعالى ممنوع بأن النذر المعلق بالشرط صريح في الايجاب عند وجود الشرط واليمين بالله تعالى ليس بصحيح في الايجاب وكذا الكفارة في اليمين بالله تعالى تجب جبرا لهتك حرمة اسم الله عز اسمه الحاصل بالحنث وليس في الحنث ههنا هتك حرمة اسم الله تعالى وإنما فيه ايجاب الطاعة فلم يكن في معنى اليمين بالله تعالى ثم الوفاء بالمنذور به نفسه حقيقة إنما يجب عند الامكان فاما عند التعذر فإنما يجب الوفاء به تقديرا بخلفه لان الخلف يقوم مقام الأصل كأنه هو كالتراب حال عدم الماء والأشهر حال عدم الأقراء حتى لو نذر الشيخ الفاني بالصوم يصح نذره وتلزمه الفدية لأنه عاجز عن الوفاء بالصوم حقيقة فيلزمه الوفاء به تقديرا بخلفه ويصير كأنه صام وعلى هذا يخرج أيضا النذر بذبح الولد أنه يصح عند أبي حنيفة عليه الرحمة ومحمد رحمه الله ويجب ذبح الشاة لأنه ان عجز عن تحقيق القربة بذبح الولد حقيقة لم يعجز عن تحقيقها بذبحه تقديرا بذبح خلفه وهو الشاة كما في الشيخ الفاني إذا نذر بالصوم (وأما) وجوب الكفارة عند فوات المنذور به إذا كان معينا بأن نذر صوم شهر بعينه ثم أفطر فهل هو من حكم النذر فجملة الكلام فيه أن الناذر لا يخلو اما ان قال ذلك ونوى النذر ولم يخطر بباله اليمين أو نوى النذر ونوى أن لا يكون يمينا أو لم يخطر بباله شئ لا النذر ولا اليمين أو نوى اليمين ولم يخطر بباله النذر أو نوى اليمين ونوى أن لا يكون
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306