بذلك اليوم الذي هو فيه من الاثنين أو الخميس كلما تجدد إلى أن يستكمل شهرا ثلاثين يوما حملا للكلام على وجه الصحة ولو قال لله على أن أصوم هذا الشهر يوما نظر إلى ذلك الشهر أنه رجب أو شعبان أو غيره ويصير كأنه قال لله على أن أصوم رجب أو شعبان في وقت من الأوقات إذ الشهر لا يوجد في يوم واحد فلا يمكن حمله على ظاهره وقد قصد تصحيح نذره فيحمل على وجه يصح وهو حمل اليوم على الوقت وقد يذكر اليوم ويراد به مطلق الوقت قال الله تعالى وتلك الأيام نداولها بين الناس وقال تعالى ومن يولهم يومئذ دبره ويقال في العرب يوما لنا ويوما علينا على إرادة مطلق الوقت ولو قال لله على أن أصوم هذا اليوم غدا فعليه أن يصوم اليوم الذي قال فيه هذا القول إن قال ذلك قبل الزوال وقبل أن يتناول ما ينقض صومه ويبطل قوله غدا لأنه ركب اسما على اسم لا بحرف النسق فبطل التركيب لأنه يكون ايجاب صوم هذا اليوم غدا وهذا اليوم لا يوجد في غد فلا يكون الغد ظرفا له بطل قوله غدا وبقى قوله لله على أن أصوم هذا اليوم فينظر في ذلك اليوم فإن كان قابلا للايجاب صح والا بطل بخلاف الفصل الأول لان اليوم قد يعتد به عن مطلق الوقت (وأما) الغد فلا يصلح عبارة عن مطلق الوقت ولا يعبر به الا عن عين الغد ولو قال لله على أن أصوم غدا اليوم فعليه أن يصوم غدا وقوله اليوم حشو من كلامه لأنه أوجب على نفسه صوم الغد وذلك صحيح ولم يصح قوله اليوم لأنه ركبه على الغد لا بحرف النسق فبطل لان صوم غد لا يتصور وجوده في اليوم فلغى قوله اليوم وبقى قوله لله على أن أصوم غدا ولو قال لله على صوم أمس غدا لم يلزمه شئ لان أمس لا يمكن أن يصام فيه لأنه لا يعود ثانيا فبطل الالتزام فيه فلا يلزمه بقوله غدا لأنه لم يوجب صوم غد وإنما جعل الغد ظرفا للأمس وانه لا يصلح ظرفا له فلغت تسمية الغد أيضا والأصل في هذا النوع ان اللفظ الثاني يبطل في الأحوال كلها لما ذكرنا وإذا بطل هذا ينظر إلى اللفظ الأول فان صلح صح النذر به والا بطل ولو قال لله على صوم كذا كذا يوما ولا نية له فعليه صوم أحد عشر يوم لأنه جمع بين عددين مفردين مجملين لا بحرف النسق فانصرف إلى أقل عددين مفردين يجمع بينهما لا بحرف النسق وذلك أحد عشر لان الأقل متيقن به والزيادة مشكوك فيها وان نوى شيئا فهو على ما نوى يوما كان أو أكثر لان حمل هذه اللفظ على التكرار جائز في اللغة يقال صوم يوم يوم ويراد به تكرار يوم وإذا جاز هذا فقد نوى ما يحتمله كلامه فعلمت نيته ولو قال لله على صوم كذا وكذا يوما فعليه صوم أحد وعشرين يوما أن لم يكن له نية لأنه جمع بين عددين مفردين على الاكمال بحرف النسق فحمل على أقل ذلك وأقله أحد وعشرون يوما وإن كانت له نية فهو على ما نوى واحدا أو أكثر لان هذا مما يحتمل التكرار يقال صوم يوم يوم ويراد به تكرار يوم واحد ولو قال لله على صوم بضعة عشر يوم ولا نية له كان عليه صوم ثلاثة عشر يوما لان البضع عند العرب عبارة عن ثلاثة فما فوقها إلى تمام العقد وهو عشرة وعشرون وثلاثون وأربعون ونحو ذلك فإذا لم يكن له نية صرف إلى أقله وذلك ثلاثة عشر إذ الأقل متيقن ولو قال لله على صوم سنين فهو على ثلاث سنين لان الثلاث مستحقة هذا الاسم بيقين ولو قال السنين فهو على عشر سنين في قول أبي حنيفة رضي الله عنه وعندهما على الأبد ولو قال على صوم الشهور فهو على عشرة أشهر عند أبي حنيفة رحمه الله إذا لم يكن له نية وعندهما على اثنى عشر شهرا ولو قال صوم شهور فهو على ثلاثة أشهر بلا خلاف وكذا هذا في الأيام وأياما منكرا ومعرفا وعندهما المعرف يقع على الأيام السبعة وقد ذكرناه في كتاب الايمان ولو قال لله على صوم جمع هذا الشهر فعليه صوم كل يوم جمعة في ذلك الشهر إذا لم يكن له نية لان هذا اللفظ يراد به في ظاهر العادة عين يوم الجمعة ولو قال لله على صوم أيام الجمعة فعليه صوم سبعة أيام لان أيام الجمعة سبعة في تعارف الناس ولو قال لله على صوم جمعة فإن كانت له نية فهو على ما نوى ان نوى عين يوم الجمعة أو نوى أيامها لان ظاهر لفظه يحتمل كلاهما وان لم يكن له نية فهو على أيامها لأنه يراد به في أغلب العادات أيامها والله عز شأنه أعلم ولو نذر بقربة مقصودة من صلاة أو صوم فقال رجل آخر على مثل ذلك يلزمه وكذا إذا قال على المشي إلى بيت الله عز شأنه وكل مملوك لي حر وكل امرأة لي طالق إذا دخلت الدار فقال رجل آخر على مثل ذلك ان دخلت الدار ثم
(٨٨)