بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٥١
يعلم أنها تعيش مع ذلك فذبحها تؤكل وفى رواية قال إن كان لها من الحياة مقدار ما تعيش به أكثر من نصف يوم فذبحها تؤكل والا فلا وقال محمد رحمه الله إن كان لم يبق من حياتها الا قدر حياة المذبوح بعد الذبح أو أقل فذبحها لا تؤكل وإن كان أكثر من ذلك تؤكل وذكر الطحاوي قول محمد مفسرا فقال إن على قول محمد ان لم يبق معها الا الاضطراب للموت فذبحها فإنها لا تحل وإن كانت تعيش مدة كاليوم أو كنصفه حلت (وجه) قولهما انه إذا لم يكن لها حياة مستقرة على الوجه الذي ذكرنا كانت ميتة معنى فلا تلحقها الذكاة كالميتة حقيقة ولأبي حنيفة رضي الله عنه قوله تعالى حرمت عليكم الميتة إلى قوله تعالى والمنخنقة والموقوذة والمتردية النطيحة وما أكل السبع الا ما ذكيتم استثنى سبحانه وتعالى المذكى من الجملة المحرمة والاستثناء من التحريم إباحة وهذه مذكاة لوجود فرى الأوداج مع قيام الحياة فدخلت تحت النص وأما الصيد إذا جرحه السهم أو الكلب فأدركه صاحبه حيا فان ذكاه يؤكل بلا خلاف بين أصحابنا كيف ما كان سواء كانت فيه حياة مستقرة أو لم تكن وخرج الجرح من أن يكون ذكاة في حقه وصار ذكاته الذبح في الحياة المستقرة ذكاة مطلقة فيدخل تحت النص وان لم يكن فيه حياة مستقرة فعلى أصل أبي حنيفة رحمه الله ذكاته الذبح وقد وجد لوجود أصل الحياة فصار مذكى وعلى أصلهما لا حاجة إلى الذبح لأنه صار مذكى بالجرح فالذبح بعد ذلك لا يضر إن كان لا ينفع وان لم يذكه وهو قادر على ذبحه فتركه حتى مات فإن كانت فيه حياة مستقرة لا يؤكل لان ذكاته تحولت من الجرح إلى الذبح فإذا لم يذبح كان ميتة وإن كانت حياته غير مستقرة يؤكل عند أبي حنيفة رضي الله عنه وان قلت من غير ذكاة بخلاف المستأنس عنده والفرق له أن الرمي والارسال إذا اتصل به الجرح كان ذكاة في الصيد فلا تعتبر هذه الحياة بعد وجود الذكاة ولم تتقوم ذكاة في المستأمن فلا بد من اعتبار هذا القدر من الحياة لتحقق الذكاة وأما عندهما فكذلك لكن على اختلاف تفسيرهما للحياة المستقرة وغير المستقرة على ما ذكرنا في المستأمن هكذا ذكر عامة المشايخ رحمهم الله وذكر الجصاص رحمه الله وقال يجب أن يكون قول أبي حنيفة رحمه الله في الصيد مثل قوله في المستأنس على أن قوله يجب الذبح في جميع الأحوال لا يحل بدونه سواء كانت الحياة مستقرة أو غير مستقرة وقد ذكرنا وجه الفرق له على قول عامة المشايخ رحمهم الله وان مات قبل أن يقدر على ذبحه لضيق الوقت أو لعدم آلة الذكاة ذكر القدوري عليه الرحمة انه لا يؤكل عندنا وعند محمد بن شجاع البلخي ومحمد بن مقاتل الرازي رحمهما الله يؤكل استحسانا أشار إلى أن القول بالحرمة قياس ومن مشايخنا رحمهم الله من جعل جواب الاستحسان مذهبنا أيضا وتركوا القياس (وجه) القياس انه لما ثبتت يده عليه فقد خرج من أن يكون صيدا لزوال معنى الصيد وهو التوحش والامتناع فيزول الحكم المختص بالصيد وهو اعتبار الجرح ذكاة وصار كالشاة إذا مرضت وماتت في وقت لا يتسع لذبحها انها لا تؤكل كذا هذا (وجه) الاستحسان ان الذبح هو الأصل في الذكاة وإنما يقام الجرح مقامه خلفا عنه وقد وجد شرط بخلافه وهو العجز عن الأصل فيقام الخلف مقامه كما في سائر الاخلاف مع أصولها وقال أصحابنا رحمهم الله لو جرحه السهم أو الكلب فأدركه لكن لم يأخذه حتى مات فإن كان في وقت لو أخذه يمكنه ذبحه فلم يأخذه حتى مات لم يؤكل لان الذبح صار مقدورا عليه فخرج الجرح من أن يكون ذكاة وإن كان لا يمكنه ذبحه أكل لأنه إذا لم يأخذه ولم يتمكن من ذبحه لو أخذه بقي ذكاته الجرح السابق ودلت هذه المسألة على أن جواب الاستحسان في المسألة المتقدمة مذهب أصحابنا جميعا لأنه لا فرق بين المسألتين سوى أن هناك أخد وههنا لم يأخذ وما يصنع بالاخذ إذا لم يقدر على ذكاته وجواب القياس عن هذا ان حقيقة القدرة والتمكن لا عبرة بها لان الناس مختلفون في ذلك فان منهم من يتمكن من الذبح في زمان قليل لهدايته في ذلك ومنهم من لا يتمكن الا في زمان طويل لقلة هدايته فيه فلا يمكن بناء الحكم على حقيقة القدرة والتمكن فيقام السبب الظاهر وهو ثبوت اليد مقامها كما في السفر مع المشقة وغير ذلك وذكر ابن سماعة في نوادره رحمه الله عن أبي يوسف لو أن رجلا قطع شاة نصفين ثم إن رجلا فرى أوداجها والرأس يتحرك أو شق بطنها فأخرج ما في جوفها وفرى رجل آخر الأوداج فان هذا لا يؤكل لان
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306