بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٠٠
عنهما وكذلك لو أطعم عشرة مساكين كل مسكين صاعا عن يمينين فهو على هذا الاختلاف ولو كانت الكفارتان من جنسين مختلفين جاز فيهما بالاجماع (وأما) وجه قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله فلما ذكرنا من أصل أصحابنا الثلاثة ان الكفارتين إذا كانتا من جنس واحد لا يحتاج فيهما إلى نية التعيين بل تلغو نية التعيين ههنا ويبقى أصل النية وهو نية الكفارة يدفع ستين صاعا إلى ستين مسكينا من غير تعين ان نصفه عن هذا ونصفه عن ذاك ولو لم يعين لم يجز الا عن أحدهما كذا هذا الا ان محمدا يقول إن نية التعيين إنما تبطل لأنه لا فائدة فيها وههنا في التعيين فائدة وهي جواز ذلك عن الكفارتين فوجب اعتبارها ويقول اطعام ستين مسكينا يكون عن كفارة واحدة والكفارة الواحدة منهما مجهول ولهذا قال إذا أعتق رقبة واحدة عنهما لا يجوز عن واحدة منهما بخلاف ما إذا كانت الكفارتان من جنسين لأنه قد صح من أصل أصحابنا جميعا ان نية التعيين عند اختلاف الجنس معتبرة وإذا صح التعيين والمؤدى يصلح عنهما جميعا وقع المؤدى عنهما فجاز عنهما جميعا والله تعالى أعلم (وأما) شرط جواز النية فهو أن تكون النية مقارنة لفعل التكفير فإن لم تقارن الفعل رأسا أو لم تقارن فعل التكفير بأن تأخرت عنه لم يجز لان اشتراط النية لتعيين المحتمل وايقاعه على بعض الوجوه ولن يتحقق ذلك الا إذا كانت مقارنة للفعل ولأن النية هي الإرادة والإرادة مقارنة للفعل كالقدرة الحقيقية لان بها يصير الفعل اختياريا وعلى هذا يخرج ما إذا اشترى أباه أو ابنه ينوى به العتق عن كفارة يمينه أو ظهاره أو افطاره أو قتله أجزأه عندنا استحسانا والقياس أن لا يجزيه وهو قول زفر والشافعي رحمهما الله بناء على أن شراء القريب اعتاق عندنا فإذا اشتراه ناويا عن الكفارة فقد قارنت النية الاعتاق فجاز وعندهما العتق يثبت بالقرابة والشراء شرط فلم تكن النية مقارنة لفعل الاعتقاق فلا يجوز (وجه) القياس ان الشراء ليس باعتاق حقيقة ولا مجازا أما الحقيقة فلا شك في انتفائها لان واضع اللغة ما وضع الشراء للاعتاق (وأما) المجاز فلان المجاز يستدعى المشابهة في المعنى اللازم المشهور في محل الحقيقة ولا مشابهة ههنا أصلا لأن الشراء تملك والاعتاق إزالة الملك وبينهما مضادة (ولنا) ما روى أبو داود في سننه باسناد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لن يجزى ولد والدا الا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه سماه معتقا عقيب الشراء ولا فعل منه بعد الشراء فعلم أن الشراء وقع اعتاقا منه عقلنا وجه ذلك أو لم نعقل فإذا نوى عند الشراء الكفارة فقد اقترنت النية بفعل الاعتاق فجاز وقولهما الشراء ليس باعتاق حقيقة ممنوع بل هو اعتاق حقيقة لكن حقيقة شرعية لا وضعية والحقائق أنواع وضعية وشرعية وعرفية على ما عرف في أصول الفقه وكذلك إذا وهب له أو أوصى له به فقبله لأنه يعتق بالقبول فقارنت النية فعل الاعتاق وان ورثه ناويا عن الكفارة لم يجز لان العتق ثبت من غير صنعه رأسا فلم يوجد قران النية الفعل فلا يجوز وعلى هذا يخرج ما إذا قال لعبد الغير أن اشتريتك فأنت حر فاشتراه ناويا عن الكفارة لم يجز لان العتق عند الشراء يثبت بالكلام السابق ولم تقارنه النية حتى لو قال إن اشتريت فلانا فهو حر عن كفارة يميني أو ظهاري أو غير ذلك يجزيه لقران النية كلام الاعتاق ولو قال إن اشتريت فلانا فهو حر عن ظهاري ثم قال بعد ذلك ما اشتريته فهو حر عن كفارة قتلى ثم اشتراه فهو حر عن الظهار لأنه لما قال إن اشتريته فهو حر عن كفارة قتلى فقد أراد فسخ الأول واليمين لا تحتمل الفسخ وكذلك لو قال إن اشتريته فهو حر تطوعا ثم قال إن اشتريته فهو حر عن ظهاري ثم اشتراه كان تطوعا لأنه بالأول علق عتقه تطوعا بالشراء ثم أراد بالثاني فسخ الأول واليمين لا يلحقها الفسخ والله عز شأنه أعلم (وأما) الذي يخص البعض دون البعض فأما كفارة اليمين فيبدأ بالاطعام ثم بالكسوة ثم بالتحرير لان الله تعالى عز شأنه بدأ بالاطعام في كتابه الكريم وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام ابدؤا بما بدأ الله به فنقول لجواز الاطعام شرائط بعضها يرجع إلى صفة الاطعام وبعضها يرجع إلى مقدار ما يطعم وبعضها يرجع إلى محل المصروف إليه الطعام أما الذي يرجع إلى صفة الاطعام فقد قال أصحابنا انه يجوز فيه التمليك وهو طعام الإباحة وهو مروى عن سيدنا علي كرم الله وجهه وجماعة من التابعين مثل محمد ابن كعب والقاسم وسالم والشعبي وإبراهيم وقتادة ومالك والثوري والأوزاعي رضي الله عنهم وقال الحكم وسعيد بن
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306