بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٠٤
بهاشمي ثم ظهر أنه هاشمي فهو على الاختلاف ومنها ان لا يكون زوجا أو زوجة له لان ما شرع له الكفارة وهو تألم الطبع ونفاره بالبذل والاخراج لا يوجد بين الزوجين لما يوجد البذل بينهما شهوة وطبيعة ويكون التناكح لمثله في العرف والشرع على ما روى تنكح المرأة لمالها وجمالها وعلى ما وضع النكاح للمودة والمحبة ولا يتحقق ذلك الا بالبذل ودفع الشح ولهذا لا تقبل شهادة أحدهما للآخر لان أحدهما ينتفع بمال صاحبه فتتمكن التهمة في الشهادة ومنها ان لا يكون حربيا وإن كان مستأمنا لان الله تعالى عز شأنه نهانا عن البر بهم والاحسان إليهم بقوله تعالى إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم ولان في الدفع إلى الحربي إعانة له على الحراب مع المسلمين وقد قال الله سبحانه وتعالى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ويجوز اعطاء فقراء أهل الذمة من الكفارات والنذور وغير ذلك الا الزكاة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف رحمه الله لا يجوز الا النذور والتطوع ودم المتعة (وجه) قوله إن هذه صدقة وجبت بايجاب الله عز شأنه فلا يجوز صرفها إلى الكافر كالزكاة بخلاف النذر لأنه وجب بايجاب العبد والتطوع ليس بواجب أصلا والتصدق بلحم المتعة غير واجب لان معنى القربة في الإراقة (ولهما) عموم قوله تعالى فكفارته اطعام عشرة مساكين من غير فصل بين المؤمن والكافر الا أنه خص منه الحربي بما تلونا فبقي الذمي على عموم النص فكان ينبغي أن يجوز صرف الزكاة إليه الا ان الزكاة خصت بقول النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ حين بعثه إلى اليمن خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم أمر عليه الصلاة السلام برد الزكاة إلى من أمر بالاخذ من أغنيائهم والمأخوذ منه المسلمون فكذا المردود عليهم وروى عن النبي عليه الصلاة والسلام قال أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائهم وأردها في فقرائهم (ووجه) الاستدلال ما ذكرنا ولان الكفارة وجبت لدفع المسكنة والمسكنة موجودة في الكفرة فيجوز صرف الصدقة إليهم كما يجوز صرفها إلى المسلم بل أولى لان التصدق عليهم بعض ما يرغبهم إلى الاسلام ويحملهم عليه ولما ذكرنا ان الكفارات وجبت بما اختار من اعطاء النفس شهوتها فيما لا يحل له فتكون كفارتها بكف النفس عن شهوتها فيما يحل له وبذل ما كان في طبعه منعه وهذا المعنى يحصل بالصرف إلى الكافر بخلاف الزكاة لأنها ما وجبت بحق التكفير بل بحق الشكر ألا ترى انها تجب بلا كسب من جهة العبد وحق الشكر الانفاق في طاعة المنعم والصرف إلى المؤمن أنفاق على من يصرفه إلى طاعة الله جل شأنه فيخرج مخرج المعونة على الطاعة فيحصل معنى الشكر على الكمال والكافر لا يصرفه إلى طاعة الله عز شأنه فلا يتحقق معنى الشكر على التمام فأما الكفارات فما عرف وجوبها شكرا بل تكفيرا لاعطاء النفس شهوتها باخراج ما في شهوتها المنع وهذا المعنى في الصرف إلى الكافر موجود على الكمال والتمام لذلك افترقا وهل يشترط عدد المساكين صورة في الاطعام تمليكا وإباحة قال أصحابنا ليس بشرط وقال الشافعي رحمه الله شرط حتى لو دفع طعام عشرة مساكين وذلك خمسة أصوع إلى مسكين واحد في عشرة أيام كل يوم نصف صاع أو غدى مسكينا واحدا أو عشاه عشرة أيام أجزأه عندنا وعنده لا يجزيه الا عن واحد واحتج بظاهر قوله جل شأنه فكفارته اطعام عشرة مساكين نص على عدد العشرة فلا يجوز الاقتصار على ما دونه كسائر الاعداد المذكورة في القرآن العظيم كقوله عز شأنه فاجلدوهم ثمانين جلدة وقوله جل شأنه يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ونحو ذلك والدليل عليه أنه لو دفع طعام عشرة مساكين إلى مسكين واحد دفعة واحدة في يوم واحد لا يجوز (ولنا) ان في النص اطعام عشرة مساكين واطعام عشرة مساكين قد يكون بأن يطعم عشرة مساكين وقد يكون بأن يكفي عشرة مساكين سواء أطعم عشرة مساكين أو لا فإذا أطعم مسكينا واحد عشرة أيام قدر ما يكفي عشرة مساكين فقد وجد اطعام عشرة مساكين فخرج عن العهدة على أن معنى اطعام مساكين إن كان هو بأن يطعم عشرة مساكين لكن اطعام عشرة مساكين على هذا التفسير قد يكون صورة ومعنى بأن يطعم عشرة من المساكين عددا في يوم واحد أو في عشرة أيام وقد يكون معنى لا صورة وهو ان يطعم مسكينا واحدا في عشرة أيام لان الاطعام لدفع الجوعة وسد المسكنة وله كل يوم جوعة ومسكنة على حدة لان الجوع يتجدد والمسكنة تحدث في كل يوم ودفع عشر جوعات عن مسكين
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306