في كفارة الحلق لحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه ذكرناه في كتاب الحج وفى القتل والظهار والافطار صوم شهرين لورود النص به (وأما) شرط جواز هذه الصيامات فلجواز صيام الكفارة شرائط مخصوصة منها النية من الليل حتى لا يجوز بنية من النهار بالاجماع لأنه صوم غير عين فيستدعى وجوب النية من الليل لما ذكرنا في كتاب الصوم (ومنها) التتابع في غير موضع الضرورة في صوم كفارة الظهار والافطار والقتل بلا خلاف لان التتابع منصوص عليه في هذه الكفارات الثلاثة قال الله تبارك وتعالى في كفارتي القتل والافطار فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين وقال النبي عليه الصلاة والسلام للاعرابي صم شهرين متتابعين بخلاف صوم قضاء رمضان لان الله سبحانه وتعالى أمر به من غير شرط التتابع بقوله تبارك وتعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر (وأما) صوم كفارة اليمين فيشترط فيه التتابع أيضا عندنا وعند الشافعي لا يشترط بل هو بالخيار ان شاء تابع وان شاء فرق واحتج بظاهر قوله تبارك وتعالى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام من غير شرط التتابع (ولنا) قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ما فصيام ثلاثة أيام متتابعات وقراءته كانت مشهورة في الصحابة رضى الله تعالى عنهم فكانت بمنزلة الخبر المشهور لقبول الصحابة رضي الله عنهم إياها تفسيرا للقرآن العظيم ان لم يقبلوها في كونها قرآنا فكانت مشهورة في حق حكم الصحابة رضي الله عنهم إياها في حق وجوب العمل فكانت بمنزلة الخبر المشهور والزيادة على الكتاب الكريم بالخبر المشهور جائزة بلا خلاف ويجوز بخبر الواحد وكذا عند بعض مشايخنا على ما عرف في أصول الفقه وعلى هذا يخرج ما إذا أفطر في خلال الصوم انه يستقبل الصوم سواء أفطر لغير عذر أو لعذر مرض أو سفر لفوت شرط التتابع وكذلك لو أفطر يوم الفطر أو يوم النحر أو أيام التشريق فإنه يستقبل الصيام سواء أفطر في هذه الأيام أو لم يفطر لأن الصوم في هذه الأيام لا يصلح لاسقاط ما في ذمته لان ما في ذمته كامل والصوم في هذه الأيام ناقص لمجاورة المعصية إياه والناقص لا ينوب عن الكامل ولو كانت امرأة فصامت عن كفارة الافطار في رمضان أو عن كفارة القتل فحاضت في خلال ذلك لا يلزمها الاستقبال لأنها لا تجد صوم شهرين لا تحيض فيهما فكانت معذورة وعليها أن تصلى أيام القضاء بعد الحيض بما قبله حتى لو لم تصلى وأفطرت يوما بعد الحيض استقبلت لأنها تركت التتابع من غير ضرورة ولو نفست تستقبل لعدم الضرورة لأنها تجد شهرين لا نفاس فيهما ولو كانت في صوم كفارة اليمين فحاضت في خلال ذلك تستقبل لأنها تجد ثلاثة أيام لا حيض فيها فلا ضرورة إلى سقوط اعتبار الشرط ولو جامع امرأته التي لم يظاهر منها بالنهار ناسيا أو بالليل عامدا أو ناسيا أو أكل بالنهار ناسيا لا يستقبل لأن الصوم لم يفسد فلم يفت شرط التتابع (ومنها) عدم المسيس في الشهرين في صوم كفارة الظهار سواء فسد الصوم أو لا في قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف الشرط عدم فساد الصوم حتى لو جامع امرأته التي ظاهر منها بالليل عامد أو ناسيا أو بالنهار ناسيا استقبل عندهما وعند أبي يوسف يمضى على صومه وبه أخذ الشافعي (وجه) قول أبى يوسف ان هذا الجماع لا ينقطع به التتابع لأنه لا يفسد الصوم فلا يجب الاستقبال كما لو جامع امرأة أخرى ثم ظاهر منها والصحيح قولنا لان المأمور به صوم شهرين متتابعين لا مسيس فيهما بقوله فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فإذا جامع في خلالهما فلم يأت بالمأمور به ولو جامعها بالنهار عامدا استقبل بالاتفاق (أما) عندهما فلوجود المسيس (وأما) عنده فلانقطاع التتابع لوجود فساد الصوم (وأما) وجوب كفارة الحلق فصاحبه بالخيار ان شاء فرق لاطلاق قوله تبارك وتعالى ففدية من صيام أو صدقة أو نسك من غير فصل (وأما) الاطعام في كفارتي الظهار والافطار فالكلام في جوازه صفة وقدرا ومحلا كالكلام في كفارة اليمين وقد ذكرناه وعدم المسيس في خلال الاطعام في كفارة الظهار ليس بشرط حتى لو جامع في خلال الاطعام لا يلزمه الاستئناف لان الله تبارك وتعالى لم يشترط ذلك في هذه الكفارة لقوله سبحانه وتعالى فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا من غير شرط ترك المسيس الا أنه منع من الوطئ قبله لجواز أن يقدر على الصوم أو الاعتكاف فتنتقل الكفارة إليهما فيتبين ان الوطئ كان حراما على ما ذكرنا في كتاب الظهار
(١١١)