وهو الرحم المحرم للنكاح كالأم والبنت والعمة والخالة ونوع منهن ذوات الرحم بلا محرم وهن المحارم من جهة الرضاع والمصاهرة ونوع منهن مملوكات الاغيار ونوع منهن من لا رحم لهن أصلا ولا محرم وهن الأجنبيات الحرائر ونوع منهن ذوات الرحم بلا محرم وهو الرحم الذي لا يحرم النكاح كبنت العم والعمة والخال والخالة (أما) النوع الأول وهو المنكوحات فيحل للزوج النظر إلى زوجته ومسها من رأسها إلى قدمها لأنه يحل له وطؤها لقوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين وانه فوق النظر والمس فكان احلالا لهما من طريق الأولى إلى أنه لا يحل له وطؤها في حالة الحيض لقوله تبارك وتعالى ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فصارت حالة الحيض مخصوصة عن عموم النص الذي تلونا وهل يحل الاستمتاع بها فيما دون الفرج اختلف فيه قال أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهما لا يحل الاستمتاع بما فوق الإزار وقال محمد رحمه الله يجتنب شعار الدم وله ما سوى ذلك واختلف المشايخ في تفسير قولهما بما فوق الإزار قال بعضهم المراد منه ما فوق السرة فيحل الاستمتاع بما فوق سرتها ولا يباح بما تحتها إلى الركبة وقال بعضهم المراد منه مع الإزار فيحل الاستمتاع بما تحت سرتها سوى الفرج لكن مع المئزر لا مكشوفا ويمكن العمل بعموم قولهما بما فوق الإزار لأنه يتناول ما فوق السرة وما تحتها سوى الفرج مع المئزر إذ كل ذلك فوق الإزار فيكون عملا بعموم اللفظ والله سبحانه وتعالى أعلم (وجه) قول محمد ظاهر قوله تبارك وتعالى ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى جعل الحيض أذى فتختص الحرمة بموضع الأذى وقد روى أن سيدتنا عائشة رضي الله عنها سئلت عما يحل للرجل من امرأته الحائض فقالت يتقى شعار الدم وله ما سوى ذلك (ووجه) قولهما ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لنا ما تحت السرة وله ما فوقها وروى أن أزواج النبي عليه الصلاة والسلام كن إذا حضن أمرهن أن يتزرن ثم يضاجعهن ولان الاستمتاع بها بما يقرب من الفرج سبب الوقوع في الحرام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان لكل ملك حمى وان حمى الله محارمه فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه وفى رواية من رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه والمستمتع بالفخذ يحوم حول الحمى ويرتع حوله فيوشك ان يقع فيه دل ان الاستمتاع به سبب الوقوع في الحرام وسبب الحرام حرام أصله الخلوة بالأجنبية (وأما) الآية الكريمة فحجة عليه لان ما حول الفرج لا يخلو عن الأذى عادة فكان الاستمتاع به استعمال الأذى وقول سيدتنا عائشة رضي الله عنها له ما سوى ذلك أي مع الإزار فحمل على هذا توفيقا بين الدلائل صيانة لها عن التناقض وكذلك المرأة يحل لها النظر إلى زوجها واللمس من فرقه إلى قدمه لأنه حل لها ما هو أكثر من ذلك وهو التمكين من الوطئ فهذا أولى ويحل النظر إلى عين فرج المرأة المنكوحة لان الاستمتاع به حلال فالنظر إليه أولى الا أن الأدب غض البصر عنه من الجانبين لما روى عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نظرت إلى ما منه ولا نظر إلى ما منى ولا يحل اتيان الزوجة في دبرها لان الله تعالى عز شأنه نهى عن قربان الحائض ونبه على المعنى وهو كون المحيض أذى والأذى في ذلك المحل أفحش وأذم فكان أولى بالتحريم وروى عن سيدنا علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو أتى كاهنا فصدقة فيما يقول فهو كافر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم نهى عن اتيان النساء في محاشهن أي أدبارهن وعلى ذلك جاءت الآثار من الصحابة الكرام رضي الله عنهم انها سميت اللوطية الصغرى ولان حل الاستمتاع في الدنيا لا يثبت لحق قضاء الشهوات خاصة لان لقضاء الشهوات خاصة دار أخرى وإنما يثبت لحق قضاء الحاجات وهي حاجة بقاء النسل إلى انقضاء الدنيا الا أنه ركبت الشهوات في البشر للبعث على قضاء الحاجات وحاجة النسل لا تحتمل الوقوع في الادبار فلو ثبت الحل لثبت لحق قضاء الشهوة خاصة والدنيا لم تخلق له (وأما) النوع الثاني وهن المملوكات فحكمهم حكم المنكوحات فيحل للمولى النظر إلى سائر بدن جاريته ومسها من رأسها إلى قدمها لأنه حل له ما هو أكثر منه لقوله عز وجل أو ما ملكت أيمانكم الآية الا أن حالة الحيض صارت
(١١٩)