بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٢٣
وروى عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها انها قالت كان يدخل على نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم مخنث فكانوا يعدونه من غير أولى الإربة فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو ينعت امرأة فقال لا أرى هذا يعلم ما ههنا لا يدخل عليكن فحجبوه وكذا روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة رضي الله عنها وعندها مخنث فاقبل على أخي أم سلمة فقال يا عبد الله ان فتح الله عليكم غدا الطائف دللتك علي بنت غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان فقال عليه الصلاة والسلام لا أرى يعرف هذا ما ههنا لا يدخلن عليكم هذا إذا بلغ الأجنبي مبلغ الرجال فإن كان صغيرا لم يظهر على عورات النساء ولا يعرف العورة من غير العورة فلا بأس لهن من ابداء الزينة لهم لقوله جل وعلا أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء مستثنى من قوله عز شأنه ولا يبدين زينتهن الا لمن ذكر والطفل في اللغة الصبي ما بين أن يولد إلى يحتلم وأما الذي يعرف التمييز بين العورة وغيرها وقرب من الحلم فلا ينبغي لها أن تبدي زينتها له ألا ترى ان مثل هذا الصبي أمر بالاستئذان في بعض الأوقات بقوله تبارك وتعالى والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات الا إذا لم يكونا من أهل الشهوة بأن كانا شيخين كبيرين لعدم احتمال حدوث الشهوة فيهما وروى أن أعميين دخلا على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده بعض أزواجه سيدتنا عائشة وأخرى فقال لهما قوما فقالتا انهما أعميان يا رسول الله فقال اعميا وان أنتما هذا حكم النظر إلى الوجه والكفين وأما حكم مس هذين العضوين فلا يحل مسهما لان حل النظر للضرورة التي ذكرناها ولا ضرورة إلى المس مع ما ان المس في بعث الشهوة وتحريكها فوق النظر وإباحة أدنى الفعلين لا يدل على أعلاهما هذا إذا كان شابين فإن كانا شيخين كبيرين فلا بأس بالمصافحة لخروج المصافحة منهما من أن تكون مورثة للشهوة لانعدام الشهوة وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصافح العجائز ثم إنما يحرم النظر من الأجنبية إلى سائر أعضائها سوى الوجه والكفين أو القدمين أيضا على اختلاف الروايتين إذا كانت مكشوفة فاما إذا كانت مستورة بالثوب فإن كان ثوبها صفيقا لا يلتزق ببدنها فلا بأس أن يتأملها ويتأمل جسدها لان المنظور إليه الثوب دون البدن وإن كان ثوبها رقيقا يصف ما تحته ويشف أو كان صفيقا لكنه يلتزق ببدنها حتى يستبين له جسدها فلا يحل له النظر لأنه إذا استبان جسدها كانت كاسية صورة عارية حقيقة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله الكاسيات العاريات وروى عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها انها قالت دخلت على أختي السيدة أسماء وعليها ثياب شامية رقاق وهي اليوم عندكم صفاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه ثياب تمجها سورة النور فامر بها فأخرجت فقلت يا رسول الله زارتني أختي فقلت لها ما قلت فقال يا عائشة ان المرأة إذا حاضت لا ينبغي أن يرى منها الا وجهها وكفاها فان ثبت هذا من النبي عليه الصلاة والسلام كان تفسيرا لقوله عز وجل الا ما ظهر منها فدل على صحة الرواية ان الحرة لا يحل النظر منها الا إلى وجهها وكفيها والله سبحانه وتعالى أعلم (وأما) النوع السابع وهو ذوات الرحم بلا محرم فحكمهن حكم الأجنبيات الحرائر لعموم الامر بغض البصر والنهى عن ابداء زينتهن الا للمذكورين في محل الاستثناء وذو الرحم بلا محرم غير مذكور في المستثنى فبقيت منهية عن ابداء الزينة له والله سبحانه وتعالى أعلم (وأما) الثاني وهو ما يحل من ذلك ويحرم للرجل من الرجل فنقول وبالله التوفيق يحل للرجل أن ينظر من الرجل الأجنبي إلى سائر جسده الا ما بين السرة والركبة الا عند الضرورة فلا بأس أن ينظر الرجل من الرجل إلى موضع الختان ليختنه ويداويه بعد الختن وكذا إذا كان بموضع العورة من الرجل قرح أو جرح أو وقعت الحاجة إلى مداواة الرجل ولا ينظر إلى الركبة ولا بأس بالنظر إلى السرة فالركبة عورة والسرة ليست بعورة عندنا وعند الشافعي على العكس من ذلك والصحيح قولنا لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ما تحت السرة عورة والركبة ما تحتها فكانت عورة الا ان ما تحت الركبة صار مخصوصا فبقيت الركبة تحت العموم ولان الركبة عضو مركب من عظم الساق والفخذ على وجه يتعذر تمييزه والفخذ من العورة والساق ليس من العورة فعند الاشتباه يجب العمل بالاحتياط وذلك فيما قلنا بخلاف السرة لأنه اسم لموضع
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306