أنه قال لا يخلون الرجل وان قبل حموها الا حموها الموت وهو محمول على حالة الخوف أو يكون نهى ندب وتنزيه والله سبحانه وتعالى أعلم ولا يحل النظر إلى بطنها وظهرها والى ما بين السرة والركبة منها ومسها لعموم قوله تبارك وتعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الآية الا انه سبحانه وتعالى رخص النظر للمحارم إلى مواضع الزينة الظاهرة والباطنة بقوله عز شأنه ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن أو آبائهن الآية فبقي غض البصر عما وراءها مأمورا به وإذا لم يحل النظر فالمس أولى لأنه أقوى ولان رخصة النظر إلى مواضع الزينة للحاجة التي ذكرناها ولا حاجة إلى النظر إلى ما وراءها فكان النظر إليها بحق الشهوة وانه حرام ولان الله تبارك وتعالى جعل الظهار منكرا من القول وزورا والظهار ليس الا تشبيه المنكوحة بظهر الام في حق الحرمة ولو لم يكن ظهر الام حرام النظر والمس لم يكن الظهار منكرا من القول وزورا فيؤدى إلى الخلف في خبر من يستحيل عليه الخلف هذا إذا كانت هذه الأعضاء مكشوفة فاما إذا كانت مستورة بالثياب واحتاج ذو الرحم المحرم إلى اركابها وانزالها فلا بأس بان يأخذ بطنها أو ظهرها أو فخذها من وراء الثوب إذا كان يأمن على نفسه لما ذكرنا ان مس ذوات الرحم المحرم لا يورث الشهوة عادة خصوصا من وراء الثوب حتى لو خاف الشهوة في المس لا يمسه وليجتنب ما استطاع وكل ما يحل للرجل من ذوات الرحم المحرم منه من النظر والمس يحل للمرأة ذلك من ذي رحم محرم منها وكل ما يحرم عليه يحرم عليها والله عز وجل أعلم (وأما) النوع الرابع وهو ذوات المحرم بلا رحم فحكمهن حكم ذوات الرحم المحرم وقد ذكرناه والأصل فيه قول النبي عليه الصلاة والسلام يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وروى أن أفلح بن أبي القعيس رحمه الله استأذن أن يدخل على سيدتنا عائشة رضى الله تعالى عنها فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال عليه الصلاة والسلام ليلج عليك فإنه عمك أرضعتك امرأة أخيه (وأما) النوع الخامس وهو مملوكات الاغيار فحكمهن أيضا في حل النظر والمس وحرمتهما حكم ذوات الرحم المحرم فيحل النظر إلى مواضع الزينة منهن ومسها ولا يحل ما سوى ذلك والأصل فيه ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مس ناصية أمة ودعا لها بالبركة وروى أن سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه رأى أمة متقنعة فعلاها بالدرة وقال القى عنك الخمار يادفار أتتشبهين بالحرائر فدل على حل النظر إلى رأسها وشعرها وأذنها وروى عن سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه انه مر بجارية تعرض على البيع فضرب بيده على صدرها وقال اشتروا ولو كان حراما لم يتوهم منه رضي الله عنه أن يمسها ولان بالناس حاجة إلى النظر إلى هذه المواضع ومسها عند البيع والشراء لمعرفة بشرتها من اللين والخشونة ونحو ذلك لاختلاف قيمتها باختلاف أطرافها فألحقت بذوات الرحم المحرم دفعا للحرج عن الناس ولهذا يحل بهن المسافرة بلا محرم ولا حاجة إلى المس والنظر إلى غيرها لأنها تصير معلومة بالنظر إلى الأطراف ومسها وهذا إذا أمن على نفسه الشهوة فإن لم يأمن وخاف على نفسه أن يشتهى لو نظر أو مس فلا بأس أن ينظر إليها وان اشتهى إذا أراد أن يشتريها فلابد له من النظر لما قلنا فيحتاج إلى النظر فصار النظر من المشترى بمنزلة النظر من الحاكم والشاهد والمتزوج فلا بأس بذلك وإن كان عن شهوة فكذا هذا وكذا لا بأس له أن يمس وان اشتهى إذا أراد أن يشتريها عند أبي حنيفة رضي الله عنه وروى عن محمد رحمه الله انه يكره للشاب مس شئ من الأمة والصحيح قول أبي حنيفة رضي الله عنه لان المشترى يحتاج إلى العلم ببشرتها ولا يحصل ذلك الا باللمس فرخص للضرورة وكذا يحل للأمة النظر والمس من الرجل الأجنبي ما فوق السرة ودون الركبة الا ان تخاف الشهوة فتجتنب كالرجل وكل جواب عرفته في القنة فهو الجواب في المدبرة وأم الولد لقيام الرق فيهما (وأما) النوع السادس وهو الأجنبيات الحرائر فلا يحل النظر للأجنبي من الأجنبية الحرة إلى سائر بدنها الا الوجه والكفين لقوله تبارك وتعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الا ان النظر إلى مواضع الزينة الظاهرة وهي الوجه والكفان رخص بقوله تعالى ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها والمراد من الزينة مواضعها ومواضع الزينة الظاهرة الوجه والكفان فالكحل زينة الوجه والخاتم زينة الكف ولأنها تحتاج إلى البيع والشراء والاخذ والعطاء ولا يمكنها
(١٢١)