بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٢١
أنه قال لا يخلون الرجل وان قبل حموها الا حموها الموت وهو محمول على حالة الخوف أو يكون نهى ندب وتنزيه والله سبحانه وتعالى أعلم ولا يحل النظر إلى بطنها وظهرها والى ما بين السرة والركبة منها ومسها لعموم قوله تبارك وتعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الآية الا انه سبحانه وتعالى رخص النظر للمحارم إلى مواضع الزينة الظاهرة والباطنة بقوله عز شأنه ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن أو آبائهن الآية فبقي غض البصر عما وراءها مأمورا به وإذا لم يحل النظر فالمس أولى لأنه أقوى ولان رخصة النظر إلى مواضع الزينة للحاجة التي ذكرناها ولا حاجة إلى النظر إلى ما وراءها فكان النظر إليها بحق الشهوة وانه حرام ولان الله تبارك وتعالى جعل الظهار منكرا من القول وزورا والظهار ليس الا تشبيه المنكوحة بظهر الام في حق الحرمة ولو لم يكن ظهر الام حرام النظر والمس لم يكن الظهار منكرا من القول وزورا فيؤدى إلى الخلف في خبر من يستحيل عليه الخلف هذا إذا كانت هذه الأعضاء مكشوفة فاما إذا كانت مستورة بالثياب واحتاج ذو الرحم المحرم إلى اركابها وانزالها فلا بأس بان يأخذ بطنها أو ظهرها أو فخذها من وراء الثوب إذا كان يأمن على نفسه لما ذكرنا ان مس ذوات الرحم المحرم لا يورث الشهوة عادة خصوصا من وراء الثوب حتى لو خاف الشهوة في المس لا يمسه وليجتنب ما استطاع وكل ما يحل للرجل من ذوات الرحم المحرم منه من النظر والمس يحل للمرأة ذلك من ذي رحم محرم منها وكل ما يحرم عليه يحرم عليها والله عز وجل أعلم (وأما) النوع الرابع وهو ذوات المحرم بلا رحم فحكمهن حكم ذوات الرحم المحرم وقد ذكرناه والأصل فيه قول النبي عليه الصلاة والسلام يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وروى أن أفلح بن أبي القعيس رحمه الله استأذن أن يدخل على سيدتنا عائشة رضى الله تعالى عنها فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال عليه الصلاة والسلام ليلج عليك فإنه عمك أرضعتك امرأة أخيه (وأما) النوع الخامس وهو مملوكات الاغيار فحكمهن أيضا في حل النظر والمس وحرمتهما حكم ذوات الرحم المحرم فيحل النظر إلى مواضع الزينة منهن ومسها ولا يحل ما سوى ذلك والأصل فيه ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مس ناصية أمة ودعا لها بالبركة وروى أن سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه رأى أمة متقنعة فعلاها بالدرة وقال القى عنك الخمار يادفار أتتشبهين بالحرائر فدل على حل النظر إلى رأسها وشعرها وأذنها وروى عن سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه انه مر بجارية تعرض على البيع فضرب بيده على صدرها وقال اشتروا ولو كان حراما لم يتوهم منه رضي الله عنه أن يمسها ولان بالناس حاجة إلى النظر إلى هذه المواضع ومسها عند البيع والشراء لمعرفة بشرتها من اللين والخشونة ونحو ذلك لاختلاف قيمتها باختلاف أطرافها فألحقت بذوات الرحم المحرم دفعا للحرج عن الناس ولهذا يحل بهن المسافرة بلا محرم ولا حاجة إلى المس والنظر إلى غيرها لأنها تصير معلومة بالنظر إلى الأطراف ومسها وهذا إذا أمن على نفسه الشهوة فإن لم يأمن وخاف على نفسه أن يشتهى لو نظر أو مس فلا بأس أن ينظر إليها وان اشتهى إذا أراد أن يشتريها فلابد له من النظر لما قلنا فيحتاج إلى النظر فصار النظر من المشترى بمنزلة النظر من الحاكم والشاهد والمتزوج فلا بأس بذلك وإن كان عن شهوة فكذا هذا وكذا لا بأس له أن يمس وان اشتهى إذا أراد أن يشتريها عند أبي حنيفة رضي الله عنه وروى عن محمد رحمه الله انه يكره للشاب مس شئ من الأمة والصحيح قول أبي حنيفة رضي الله عنه لان المشترى يحتاج إلى العلم ببشرتها ولا يحصل ذلك الا باللمس فرخص للضرورة وكذا يحل للأمة النظر والمس من الرجل الأجنبي ما فوق السرة ودون الركبة الا ان تخاف الشهوة فتجتنب كالرجل وكل جواب عرفته في القنة فهو الجواب في المدبرة وأم الولد لقيام الرق فيهما (وأما) النوع السادس وهو الأجنبيات الحرائر فلا يحل النظر للأجنبي من الأجنبية الحرة إلى سائر بدنها الا الوجه والكفين لقوله تبارك وتعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الا ان النظر إلى مواضع الزينة الظاهرة وهي الوجه والكفان رخص بقوله تعالى ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها والمراد من الزينة مواضعها ومواضع الزينة الظاهرة الوجه والكفان فالكحل زينة الوجه والخاتم زينة الكف ولأنها تحتاج إلى البيع والشراء والاخذ والعطاء ولا يمكنها
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306