عن الطعام والوجه فيه على نحو ما ذكرنا في الطعام وهل تشترط نية البدلية قال أبو يوسف تشترط ولا تجزى الكسوة عن الطعام الا بالنية وقال محمد لا تشترط ونية التكفير كافية (وجه) قول محمد ان الواجب عليه ليس الا التكفير فيستدعى نية التكفير وقد وجدت فيجزيه كما لو أعطى المساكين دراهم بنية الكفارة وهي لا تبلغ قيمة الكسوة وتبلغ قيمة الطعام جازت عن الطعام ولو كانت لا تبلغ قيمة الطعام وتبلغ قيمة الكسوة جازت عن الكسوة من غير نية البدلية كذا هذا (وجه) قول أبى يوسف ان المؤدى يحتمل الجواز عن نفسه لأنه يمكن تكميله بضم الباقي إليه فلا يصير بدلا الا بجعله بدلا وذلك بالنية بخلاف الدراهم لأنه لا جواز لها عن نفسها لأنها غير منصوص عليها فكانت متعينة للبدلية فلا حاجة إلى التعيين وكذلك لو كسا كل مسكين قلنسوة أو خفين أو نعلين لم يجزه في الكسوة وأجزأه في الطعام إذا كان يساويه في القيمة عند أصحابنا لما قلنا وكذا لو أعطى عشرة مساكين ثوبا واحدا بينهم كثير القيمة نصيب كل مسكين منهم أكثر من قيمة ثوب لم يجزه في الكسوة وأجزأه في الطعام لما ذكرنا ان الكسوة منصوص عليها فلا تكون بدلا عن نفسها وتصلح بدلا عن غيرها كما لو أعطى كل مسكين ربع صاع من حنطة وذلك يساوى صاعا من تمر انه لا يجزى عن الطعام وإن كان مد من حنطة يساوى ثوبا يجزى عن الكسوة لان الطعام يجوز أن يكون قيمة عن الثوب ولا يجوز أن يكون قيمة عن الطعام لان الطعام كله شئ واحد لان المقصود منه واحد فلا يجوز بعضه عن بعض بخلاف الطعام مع الكسوة لأنهما متغايران ذاتا ومقصودا فجاز أن يقوم أحدهما مقام الآخر وكذا لو أعطى عشرة مساكين دابة أو عبدا وقيمته تبلغ عشرة أثواب جاز في الكسوة وان لم تبلغ قيمته عشرة أثواب وبلغت قيمة الطعام أجزأه عنه عندنا لان دفع البدل في باب الكفارة جائز عندنا قال أبو يوسف لو أن رجلا عليه كفارة يمين فأعطى عشرة مساكين مسكينا نصف صاع من حنطة ومسكينا صاعا من شعير ومسكينا ثوبا وغدى مسكينا وعشاه لم يجزه ذلك حتى يكمل عشرة من أحد النوعين لان الله تبارك وتعالى جعل الكفارة أحد الأنواع الثلاثة من الاطعام أو الكسوة أو التحرير بقوله تبارك وتعالى فكفارته اطعام عشرة مساكين إلى قوله تعالى أو كسوتهم وأو تتناول أحدها فلا تجوز الجمع بينها لأنه يكون نوعا رابعا وهذا لا يجوز لكنه إذا اختار الطعام جاز له أن يعطى مسكينا حنطة ومسكينا شعيرا ومسكينا تمرا لان اسم الطعام يتناول الكل ولو أعطى نصف صاع من تمر جيد يساوى نصف صاع من بر لم يجز الا عن نفسه بقدره لان التمر منصوص عليه في الاطعام كالبر فلا يجزى أحدهما عن الآخر كما لا يجوز الثمن عن التمر ويجزى التمر عن الكسوة لان المقصود من كل واحد منهما غير المقصود من الآخر فجاز اخراج أحدهما عن الآخر بالقيمة والله سبحانه وتعالى أعلم (وأما) صفة الكسوة فهي انها لا تجوز الا على سبيل التمليك بخلاف الاطعام عندنا لان الكسوة لدفع حاجة الحر والبرد وهذه الحاجة لا تندفع الا بتمليك لأنه لا ينقطع حقه الا به فأما الاطعام فلدفع حاجة الجوع وذلك يحصل بالطعم لان حقه ينقطع به ويجوز أداء القيمة عن الكسوة كما يجوز عن الطعام عندنا خلافا للشافعي رحمه الله ولو دفع كسوة عشرة مساكين إلى مسكين واحد في عشرة أيام جاز عندنا وعند الشافعي لا يجوز الا عن مسكين واحد كما في الاطعام ولو أطعم خمسة مساكين على وجه الإباحة وكسا خمسة مساكين فان أخرج ذلك على وجه المنصوص عليه لا يجوز لما ذكرنا أن الله تبارك وتعالى أوجب أحد شيئين فلا يجمع بينهما وان أخرجه على وجه القيمة فإن كان الطعام أرخص من الكسوة أجزأه وإن كانت الكسوة أرخص من الطعام لم يجزه لان الكسوة تمليك فجاز أن تكون بدلا عن الطعام ثم إذا كانت قيمة الكسوة مثل قيمة الطعام فقد أخرج الطعام وإن كانت أعلى فقد أخرج قيمة الطعام وزيادة فجاز وصار كما لو أطعم خمسة مساكين طعام الإباحة وأدى قيمة طعام خمسة مساكين طعام الإباحة وأداء قيمة طعام خمسة مساكين أو أكثر جائز عندنا كذا هذا وإذا كانت قيمة الكسوة أرخص من قيمة الطعام لا يكون الطعام بدلا عنه لان طعام الإباحة ليس بتمليك فلا يقوم مقام التمليك وهو الكسوة لان الشئ لا يقوم مقام ما هو فوقه ولو أعطى خمسة مساكين وكسا خمسة جاز وجعل أغلاهما ثمنا بدلا عن أرخصهما ثمنا أيهما كان لان كل واحد منهما تمليك فجاز أن
(١٠٦)