بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٨٦
قال أجرتك هذه الدار شهرا على أنك ان قعدت فيها حدادا فاجرها عشرة وان بعت فيها الخز فخمسة فالإجارة جائزة في قول أبي حنيفة الأخير وقال أبو يوسف ومحمد الإجارة فاسدة وجه قولهما ان الاجر لا يجب بالسكنى وإنما يجب بالتسليم وهو التخلية وحالة التخلية لا يدرى ما يسكن فكان البدل عنده مجهولا بخلاف الرومي والفارسي لان البدل هناك يجب بابتداء العمل ولا بد وان يبتدئ بأحد العملين وعند ذلك يتعين البدل ويصير معلوما عند وجوده ولأبي حنيفة انه خير بين منفعتين معلومتين فيجوز كما في خياطة الرومية والفارسية هذا لان السكنى وعمل الحدادة مختلفتان والعقد على واحد منهما صحيح على الانفراد فكذا على الجمع وقولهما بان الاجر ههنا يجب بالتسليم من غير عمل مسلم لكن العمل يوجد ظاهرا وغالبا لان الانتفاع عند التمكين من الانتفاع هو الغالب فلا يجب الاحتراز عنه على أن بالتخلية وهو التمكن من الانتفاع يجب أقل الاجرين لان الزيادة تجب بزيادة الضرر ولم توجد زيادة الضرر وأقل الاجرين معلوم فلا يؤدى إلى الجهالة وهذا جواب امام الهدى الشيخ أبى منصور الماتريدي وعلى هذا الخلاف كل ما كان اجره يجب بالتسليم ولا يعلم الواجب به وقت التسليم فهو باطل عندهما وعند أبي حنيفة العقد جائز وأي التعيين استوفى وجب أجر ذلك كما سمى وان أمسك الدار ولم يسكن فيها حتى مضت المدة فعليه أقل المسميين لما ذكرنا ان الزيادة انا تجب باستيفاء منفعة زائدة ولم يوجد ذلك فلا يجب بالتسليم وهو التخلية الا أقل الاجرين وعلى هذا الخلاف إذا استأجر دابة إلى الحيرة على أنه ان حمل عليها شعيرا فبنصف درهم وان حمل عليها حنطة فبدرهم فهو جائز على قول أبي حنيفة الاخر وعلى قولهما لا يجوز وكذلك ان استأجر دابة إلى الحيرة بدرهم والى القادسية بدرهمين فهو جائز عنده على قولهما ينبغي ان لا يجوز لما ذكرنا ولو استأجر دابة من بغداد إلى القصر بخمسة والى الكوفة بعشرة قال محمد لو كانت المسافة إلى القصر النصف من الطريق إلى الكوفة فالإجارة جائزة وإن كانت أقل أو أكثر فهي فاسدة على أصلهما لان المسافة إذا كانت النصف فحال ما يسير يصير البدل معلوما لأنه ان سار إلى القصر أو إلى الكوفة فالأجرة إلى القصر خمسة فاما إذا كانت المسافة إلى القصر أقل من النصف أو أكثر فالأجرة حال ما يسير مجهولة لأنه ان سار إلى القصر فالأجرة خمسة وان سار إلى الكوفة فالأجرة إلى القصر بحصته من المسافة وجهالة الأجرة عند وجود سبب وجوبها تفسد العقد عندهما فاما على قول أبي حنيفة فالعقد جائز لأنه سمى منفعتين معلومتين لأنه كل واحدة منهما بدل معلوم ولو أعطى خياطا ثوبا فقال إن خطته اليوم فلك درهم وان خطته غدا فلك نصف درهم قال أبو حنيفة الشرط الأول صحيح والثاني فاسد حتى لو خاطه اليوم فله درهم وان خاطه غدا له أجر مثله على هذا نذكر تفسيره قال أبو يوسف ومحمد الشرطان جائزان وقال زفر الشرطان باطلان وبه أخذ الشافعي فنتكلم مع زفر والشافعي في اليوم الأول لأنهما خالفا أصحابنا الثلاثة فيه والوجه لهما أن المعقود عليه مجهول ولنا انه سمى في اليوم الأول عملا معلوما وبدلا معلوما وفساد الشرط الثاني لا يؤثر في الشرط الأول كمن عقد إجارة صحيحة وإجارة فاسدة وأما اليوم الثاني فوجه قول أبى يوسف ومحمد على نحو ما ذكرنا في اليوم الأول انه سمى في اليوم الثاني عملا معلوما وبدلا معلوما كما في الأول فلا معنى لفساد العقد فيه كما لا يفسد في اليوم الأول ولأبي حنيفة انه اجتمع في اليوم الثاني بدلان متفاوتان في القدر لان البدل المذكور في اليوم الأول جعل مشروطا في اليوم الثاني بدليل أنه لو لم يذكر لليوم الثاني بدلا آخر وعلم في اليوم الثاني يستحق المسمى في الأول فلو لم يجعل المذكور من البدل في اليوم الأول مشروطا في الثاني لما استحق المسمى وإذا اجتمع بدلان في اليوم الثاني صار كأنه قال في اليوم الثاني فلك درهم أو نصف درهم فكان الاجر مجهولا فوجب فساد العقد فإذا خاطه في اليوم الثاني فله أجر مثله لا يزاد على درهم ولا ينقص من نصف درهم هكذا ذكر في الأصل وفى الجامع الصغير وذكر محمد في الاملاء وهو احدى وروايتي ابن سماعة في نوادره عن أبي يوسف واحدى روايتي ابن سماعة في نوادره عن محمد وروى ابن سماعة في نوادره عن أبي يوسف عن أبي حنيفة في رواية أخرى ان له في اليوم الثاني اجر مثله لا يزاد على نصف درهم
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222