بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٦
بالمعروف ولو لم تكن النفقة واجبة لم يحتمل أن يأذن لها بالاخذ من غير اذنه وأما الاجماع فلان الأمة أجمعت على هذا وأما المعقول فهو ان المرأة محبوسة بحبس النكاح حقا للزوج ممنوعة عن الاكتساب بحقه فكان نفع حبسها عائدا إليه فكانت كفايتها عليه كقوله صلى الله عليه وسلم الخراج بالضمان ولأنها إذا كانت محبوسة بحبسه ممنوعة عن الخروج للكسب بحقه فلو لم يكن كفايتها عليه لهلكت ولهذا جعل للقاضي رزق في بيت مال المسلمين لحقهم لأنه محبوس لجهتهم ممنوع عن الكسب فجعلت نفقته في مالهم وهو بيت المال كذا هنا {فصل} وأما سبب وجوب هذه النفقة فقد اختلف العلماء فيه قال أصحابنا سبب وجوبها استحقاق الحبس الثابت بالنكاح للزوج عليها وقال الشافعي السبب هو الزوجية وهو كونها زوجة له وربما قالوا ملك النكاح للزوجة عليها وربما قالوا القوامية واحتج بقوله تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم أوجب النفقة عليهم لكونهم قوامين والقوامية تثبت بالنكاح فكان سبب وجوب النفقة النكاح لان الاتفاق على المملوك من باب اصلاح الملك واستبقائه فكان سبب وجوبه الملك كنفقة المماليك ولنا ان حق الحبس الثابت للزوج عليها بسبب النكاح مؤثر في استحقاق النفقة لها عليه لما بينا فاما الملك فلا أثر له لأنه قد قوبل بعوض مرة وهو المهر فلا يقابل بعوض آخر إذ العوض الواحد لا يقابل بعوضين ولا حجة له في الآية لان فيها اثبات القوامية بسبب النفقة لا ايجاب النفقة بسبب القوامية وعلى هذا الأصل يبنى انه لا نفقة على مسلم في نكاح فاسد لانعدام سبب الوجوب وهو حق الحبس الثابت للزوج عليها بسبب النكاح لان حق الحبس لا يثبت في النكاح الفاسد وكذا النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة وكذا في عدة منه ان ثبت حق الحبس لأنه لم يثبت بسبب النكاح لانعدامه وإنما يثبت لتحصين الماء ولان حال العدة لا يكون أقوى من حال النكاح فلما لم تجب في النكاح فلان لا تجب العدة أولى وتجب في العدة من نكاح صحيح لوجود سبب الوجوب وهو استحقاق الحبس للزوج عليها بسبب النكاح لان النكاح قائم من وجه فتستحق النفقة كما كانت تستحقها قبل الفرقة بل أولى لان حق الحبس بعد الفرقة تأكد بحق الشرع وتأكد السبب يوجب تأكد الحكم فلما وجبت قبل الفرقة فبعدها أولى سواء كانت العدة عن فرقة بطلان أو عن فرقة بغير طلاق وسواء كانت الفرقة بغير طلاق من قبل الزوج أو من قبل المرأة الا إذا كانت من قبلها بسبب محظور استحسانا أو شرح هذه الجملة ان الفرقة إذا كانت من قبل الزوج بطلاق فلها النفقة والسكنى سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا وسواء كانت حاملا أو حائلا بعد إن كانت مدخولا بها عندنا لقيام حق حبس النكاح وعند الشافعي إن كانت مطلقة طلاقا رجعيا أو بائنا وهي حامل فكذلك فاما المبتوتة إذا كانت حاملا فلها السكنى ولا نفقة لها لزوال النكاح بالإبانة وكان ينبغي أن لا يكون لها السكنى الا انه ترك القياس في السكنى بالنص وعند ابن أبي ليلى لا نفقة للمبتوتة ولا سكنى لها والمسألة ذكرت في كتاب الطلاق وفي بيان أحكام العدة وسواء كان الطلاق ببدل أو بغير بدل وهو الخلع والطلاق على مال لما قلنا ولو خالعها على أن يبرأ من النفقة والسكنى يبرأ من النفقة ولا يبرأ من السكنى لكنه يبرأ عن مؤنة السكنى لان النفقة حقها على الخلوص وكذا مؤنة السكنى فتملك الابراء عن حقها فاما السكنى ففيها حق الله عز وجل فلا تملك المعتدة اسقاطه ولو أبرأته عن النفقة من غير قطع لا يصلح الابراء لان الابراء اسقاط الواجب فيستدعى تقدم الوجوب والنفقة تجب شيئا فشيئا على حسب مرور الزمان فكان الابراء اسقاطا قبل الوجوب فلم يصح بخلاف ما إذا اختلعت نفسها على نفقتها لما ذكرناه في الخلع ولأنها جعلت الابراء عن النفقة عوضا عن نفسها في العقد ولا يصح ذلك الا بعد سابقة الوجوب فيثبت الوجوب مقتضى الخلع باصطلاحهما كما لو اصطلحا على النفقة انها تجب وتصير دينا في الذمة كذا هذا وكذلك الفرقة بغير طلاق إذا كانت من قبله فلها النفقة والسكنى سواء كانت بسبب مباح كخيار البلوغ أو بسبب محظور كالردة ووطئ أمها أو ابنتها أو تقبيلهما بشهوة بعد أن يكون بعد الدخول بها لقيام السبب وهو حق
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222