بالمعروف ولو لم تكن النفقة واجبة لم يحتمل أن يأذن لها بالاخذ من غير اذنه وأما الاجماع فلان الأمة أجمعت على هذا وأما المعقول فهو ان المرأة محبوسة بحبس النكاح حقا للزوج ممنوعة عن الاكتساب بحقه فكان نفع حبسها عائدا إليه فكانت كفايتها عليه كقوله صلى الله عليه وسلم الخراج بالضمان ولأنها إذا كانت محبوسة بحبسه ممنوعة عن الخروج للكسب بحقه فلو لم يكن كفايتها عليه لهلكت ولهذا جعل للقاضي رزق في بيت مال المسلمين لحقهم لأنه محبوس لجهتهم ممنوع عن الكسب فجعلت نفقته في مالهم وهو بيت المال كذا هنا {فصل} وأما سبب وجوب هذه النفقة فقد اختلف العلماء فيه قال أصحابنا سبب وجوبها استحقاق الحبس الثابت بالنكاح للزوج عليها وقال الشافعي السبب هو الزوجية وهو كونها زوجة له وربما قالوا ملك النكاح للزوجة عليها وربما قالوا القوامية واحتج بقوله تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم أوجب النفقة عليهم لكونهم قوامين والقوامية تثبت بالنكاح فكان سبب وجوب النفقة النكاح لان الاتفاق على المملوك من باب اصلاح الملك واستبقائه فكان سبب وجوبه الملك كنفقة المماليك ولنا ان حق الحبس الثابت للزوج عليها بسبب النكاح مؤثر في استحقاق النفقة لها عليه لما بينا فاما الملك فلا أثر له لأنه قد قوبل بعوض مرة وهو المهر فلا يقابل بعوض آخر إذ العوض الواحد لا يقابل بعوضين ولا حجة له في الآية لان فيها اثبات القوامية بسبب النفقة لا ايجاب النفقة بسبب القوامية وعلى هذا الأصل يبنى انه لا نفقة على مسلم في نكاح فاسد لانعدام سبب الوجوب وهو حق الحبس الثابت للزوج عليها بسبب النكاح لان حق الحبس لا يثبت في النكاح الفاسد وكذا النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة وكذا في عدة منه ان ثبت حق الحبس لأنه لم يثبت بسبب النكاح لانعدامه وإنما يثبت لتحصين الماء ولان حال العدة لا يكون أقوى من حال النكاح فلما لم تجب في النكاح فلان لا تجب العدة أولى وتجب في العدة من نكاح صحيح لوجود سبب الوجوب وهو استحقاق الحبس للزوج عليها بسبب النكاح لان النكاح قائم من وجه فتستحق النفقة كما كانت تستحقها قبل الفرقة بل أولى لان حق الحبس بعد الفرقة تأكد بحق الشرع وتأكد السبب يوجب تأكد الحكم فلما وجبت قبل الفرقة فبعدها أولى سواء كانت العدة عن فرقة بطلان أو عن فرقة بغير طلاق وسواء كانت الفرقة بغير طلاق من قبل الزوج أو من قبل المرأة الا إذا كانت من قبلها بسبب محظور استحسانا أو شرح هذه الجملة ان الفرقة إذا كانت من قبل الزوج بطلاق فلها النفقة والسكنى سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا وسواء كانت حاملا أو حائلا بعد إن كانت مدخولا بها عندنا لقيام حق حبس النكاح وعند الشافعي إن كانت مطلقة طلاقا رجعيا أو بائنا وهي حامل فكذلك فاما المبتوتة إذا كانت حاملا فلها السكنى ولا نفقة لها لزوال النكاح بالإبانة وكان ينبغي أن لا يكون لها السكنى الا انه ترك القياس في السكنى بالنص وعند ابن أبي ليلى لا نفقة للمبتوتة ولا سكنى لها والمسألة ذكرت في كتاب الطلاق وفي بيان أحكام العدة وسواء كان الطلاق ببدل أو بغير بدل وهو الخلع والطلاق على مال لما قلنا ولو خالعها على أن يبرأ من النفقة والسكنى يبرأ من النفقة ولا يبرأ من السكنى لكنه يبرأ عن مؤنة السكنى لان النفقة حقها على الخلوص وكذا مؤنة السكنى فتملك الابراء عن حقها فاما السكنى ففيها حق الله عز وجل فلا تملك المعتدة اسقاطه ولو أبرأته عن النفقة من غير قطع لا يصلح الابراء لان الابراء اسقاط الواجب فيستدعى تقدم الوجوب والنفقة تجب شيئا فشيئا على حسب مرور الزمان فكان الابراء اسقاطا قبل الوجوب فلم يصح بخلاف ما إذا اختلعت نفسها على نفقتها لما ذكرناه في الخلع ولأنها جعلت الابراء عن النفقة عوضا عن نفسها في العقد ولا يصح ذلك الا بعد سابقة الوجوب فيثبت الوجوب مقتضى الخلع باصطلاحهما كما لو اصطلحا على النفقة انها تجب وتصير دينا في الذمة كذا هذا وكذلك الفرقة بغير طلاق إذا كانت من قبله فلها النفقة والسكنى سواء كانت بسبب مباح كخيار البلوغ أو بسبب محظور كالردة ووطئ أمها أو ابنتها أو تقبيلهما بشهوة بعد أن يكون بعد الدخول بها لقيام السبب وهو حق
(١٦)