الركن وفي بيان ما يملكه المكاتب من التصرفات وما لا يملكه وفي بيان ما يملكه المولى من التصرف في المكاتب وما لا يملكه وفي بيان صفة المكاتبة وفي بيان حكم المكاتبة وفي بيان ما تنفسخ به المكاتبة اما الأول فالقياس أن لا تجوز المكاتبة لما فيها من ايجاب الدين للمولى على عبده وليس يجب للمولى على عبده دين وفى الاستحسان جائز بالكتاب والسنة واجماع الأمة أما الكتاب فقوله عز وجل فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا وأدنى درجات الامر الندب فكانت الكتابة مندوبا إليها فضلا عن الجواز وقوله عز وجل ان علمتم فيهم خيرا أي رغبة في إقامة الفرائض وقيل وفاء لأمانة الكتابة وقيل حرفة وروى هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في قوله عز وجل خيرا أي حرفة ولا ترسلوهم كلابا على الناس وأما السنة فما روى محمد بن الحسن باسناده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أيما عبد كوتب على مائة أوقية فأداها كلها الا عشر أواق فهو رقيق وقال صلى الله عليه وسلم المكاتب عبد ما بقي عليه درهم وروى أن عائشة رضي الله عنها كاتبت بريرة بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليها وعليه اجماع الأمة وبه تبين ان قول داود بن علي الأصفهاني ان الكتابة واجبة قول مخالف للاجماع وان تعلقه بظاهر الامر لا يصح لان الأمة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا يتركون مماليكهم بعد موتهم ميراثا لورثتهم من غير نكير فعلم أن ليس المراد من هذا الامر الوجوب وأما الجواب عن وجه القياس ان المولى لا يجب له على عبده دين فهذا على الاطلاق ممنوع وإنما نسلم ذلك في العبد القن لا في المكاتب والمستسعى لان كسب القن ملك للمولى وكسب المكاتب والمستسعى ملكهما لا حق للمولى فيه فكان المولى كالأجنبي عن كسب المكاتب فأمكن ايجاب الدين للمولى عليه (فصل) وأما ركن المكاتبة فهو الايجاب من المولى والقبول من المكاتب أما الايجاب فهو اللفظ الدال على المكاتبة نحو قول المولى لعبده كاتبتك على كذا سواء ذكر فيه حرف التعليق بأن يقول على أنك ان أديت إلى فأنت حر أو لم يذكر عندنا وعند الشافعي ولا يتحقق الركن بدون حرف التعليق وهو أن يقول كاتبتك على كذا على أنك ان أديت إلى فأنت حر بناء على أن معنى المعاوضة أصل في الكتابة ومعنى التعليق فيها ثابت عندنا والعتق عنده الأداء يثبت من حيث المعاوضة ولا من حيث التعليق بالشرط وعنده معنى التعليق فيها أصل أيضا والعتق ثبت من حيث التعليق فلا بد من حرف التعليق وما قلناه أولى بدليل انه لو أبرأه عن بدل الكتابة يعتق ولو كان ثبوت العتق فيها من طريق التعليق بالشرط لما عتق لعدم الشرط وهو الأداء وكذا لو قال لعبده أنت حر على ألف تؤديها إلى نجوما في كل شهر كذا فقبل أو قال إذا أديت لي ألف درهم كل شهر منها كذا فأنت حر فقبل أو قال جعلت عليك ألف درهم تؤديها إلى نجوما كل نجم كذا فإذا أديت فأنت حر وان عجزت فأنت رقيق وقبل ونحو ذلك من الألفاظ لان العبرة في العقود إلى المعاني لا للألفاظ وأما القبول فهو أن يقول العبد قبلت أو رضيت وما أشبه ذلك فإذا وجد الايجاب والقبول فقد تم الركن ثم الحاجة إلى الركن فيمن يثبت حكم العقد فيه مقصودا لا تبعا كالولد المولود في الكتابة والولد المشترى والوالدين على ما نذكر لان الاتباع كما لا يفرد بالشروط لا يفرد بالأركان لما فيه من قلب الحقيقة وهو جعل التبع متبوعا وهذا لا يجوز (فصل) وأما شرائط الركن فأنواع بعضها يرجع إلى المولى وبعضها يرجع إلى المكاتب وبعضها يرجع إلى بدل الكتابة وبعضها يرجع إلى نفس الركن ثم بعضها شرط الانعقاد وبعضها شرط النفاذ وبعضها شرط الصحة أما الذي يرجع إلى المولى فمنها العقل وانه شرط الانعقاد فلا تنعقد المكاتبة من الصبي الذي لا يعقل والمجنون ومنها البلوغ وهي شرط النفاذ حتى لا تنفذ الكتابة من الصبي العاقل وإن كان حرا أو مأذونا في التجارة من قبل المولى أو الوصي لان المكاتبة ليست بتجارة إذ التجارة مبادلة المال بالمال والمكاتبة ليست كذلك وليست من توابع التجارة ولا من ضروراتها ولهذا لا يملكها العبد المأذون الشريك شركة العنان لما قلنا وله أن يكاتب عبده باذن أبيه أو وصيه
(١٣٤)