بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٨٩
الإجارة لان أصل الرطبة ملك المؤاجر فكانت الأرض مشغولة بملك المؤاجر واستئجار بقعة مشغولة بمال المؤاجر لم تصح لان كونها مشغولة بملكه يمنع التسليم فيمنع استيفاء المعقود عليه كاستئجار أرض فيها زرع المؤاجر ولو اشترى الرطبة بأصلها ليقلعها ثم استأجر الأرض مدة معلومة لتبقيتها جاز لان الأرض ههنا مشغولة بمال المستأجر وذا لا يمنع الإجارة كما لو استأجر ما هو في يده وكذلك إذا اشترى شجرة فيها ثمر بثمرها على أن يقلعها ثم استأجر الأرض فبقاءها فيها جاز لما قلنا قال محمد وان استعمار الأرض في ذلك كله فهو جائز لان المالك بالإعارة أباح الانتفاع بملكه فيجوز وعلى هذا يخرج ما ذكرنا أيضا من استئجار الفحل للانزاء واستئجار الكلب المعلم والبازي المعلم للاصطياد انه لا يجوز لان المنفعة المطلوبة منه غير مقدورة الاستيفاء إذ لا يمكن اجبار الفحل على الضراب والانزال ولا اجبار الكلب والبازي على الصيد فلم تكن المنفعة التي هي معقود عليها مقدورة الاستيفاء في حق المستأجر فلم تجز وعلى هذا يخرج استئجار الانسان للبيع والشراء انه لا يجوز لان البيع والشراء لا يتم بواحد بل بالبائع والمشترى فلا يقدر الأجير على ايفاء المنفعة بنفسه فلا يقدر المستأجر على الاستيفاء فصار كما لو استأجر رجلا ليحمل خشبه بنفسه وهو لا يقدر على حمله بنفسه ولو ضرب لذلك مدة بأن أستأجر شهرا ليبيع له ويشترى جاز لما مر وعلى هذا يخرج الاستئجار على تعليم القرآن والصنائع انه لا يجوز لان الأجير لا يقدر على ايفاء العمل بنفسه فلا يقدر المستأجر على الاستيفاء وان شئت أفردت لجنس هذه المسائل شرطا فقلت ومنها أن يكون العمل المستأجر له مقدور الاستيفاء من العامل بنفسه ولا يحتاج فيه إلى غيره وخرجت المسائل عليه والأول أقرب إلى الصناعة فافهم وعلى هذا يخرج الاستئجار على المعاصي انه لا يصح لأنه استئجار على منفعة غير مقدورة الاستيفاء شرعا كاستئجار الانسان للعب واللهو وكاستئجار المغنية والنائحة للغناء والنوح بخلاف الاستئجار لكتابة الغناء والنوح انه جائز لان الممنوع عنه نفس الغناء النوح لا كتابتهما وكذا لو استأجر رجلا ليقتل له رجلا أو ليسجنه أو ليضربه ظلما وكذا كل إجارة وقعت لمظلمة لأنه استئجار لفعل المعصية فلا يكون المعقود عليه مقدور الاستيفاء شرعا فإن كان ذلك بحق بان استأجر انسانا لقطع عضو جاز لأنه مقدور الاستيفاء لان محله معلوم فيمكنه ان يضع السكين عليه فيقطعه وان استأجره لقصاص في النفس لم يجز عند أبي حنيفة وأبى يوسف وتجوز عند محمد هو يقول استيفاء القصاص بطريق مشروع هو حز الرقبة والرقبة معلومة فكان المعقود عليه مقدور الاستيفاء فأشبه الاستئجار لذبح الشاة وقطع اليد وهما يقولان ان القتل بضرب العنق يقع على سبيل التجافي عن المضروب فربما يصيب العنق وربما يعدل عنه إلى غيره فان أصاب كان مشروعا وان عدل كان محظورا لأنه يكون مثلة وانها غير مشروعة بخلاف الاستئجار على تشقيق الحطب لأنه وإن كان ذلك يقع على سبيل التجافي فكله مباح وههنا بخلافه فلم يكن هذا النوع من المنفعة مقدور الاستيفاء وليس كذلك القطع والذبح لان القطع يقع بوضع السكين على موضع معلوم من اليد وهو المفصل وامراره عليه وكذلك الذبح فهو الفرق ولو استأجر ذمي من مسلم بيعة ليصلى فيها لم يجز لأنه استئجار لفعل المعصية وكذا لو استأجر ذمي من ذمي لما قلنا ولو استأجر الذمي دارا من ملسم أراد أن يصلى فيها من غير جماعة أو يتخذها مصلى للعامة فقد ذكرنا حكمه فيما تقدم ولو استأجر ذمي مسلما ليخدمه ذكر في الأصل انه يجوز وأكره للمسلم خدمة الذمي أما الكراهة فلان الاستخدام استذلال فكان إجارة المسلم نفسه منه اذلالا لنفسه وليس للمسلم ان يذل نفسه خصوصا بخدمة الكافر وأما الجواز فلانه عقد معاوضة فيجوز كالبيع وقال أبو حنيفة اكره ان يستأجر الرجل امرأة حرة يستخدمها ويخلو بها وكذلك الأمة وهو قول أبى يوسف ومحمد أما الخلوة فلان الخلوة بالمرأة الأجنبية معصية وأما الاستخدام فلانه لا يؤمن معه الاطلاع عليها والوقوع في المعصية ويجوز الاستئجار لنقل الميتات والجيف والنجاسات لان فيه رفع أذيتها عن الناس فلو لم تجز لتضرر بها الناس وقال ابن رستم عن محمد أنه قال لا بأس بأجرة الكناس
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222