أعتق أحدهما حال صحته فهو على هذا الخلاف وان شهدا على ذلك وهو مريض فمات أو شهدا بعد موته على أنه قال ذلك في المرض لا تقبل في قياس قول أبي حنيفة وفى الاستحسان تقبل ولا خلاف في أنهما إذا شهدا على أنه طلق احدى امرأتيه تقبل ويخير فيختار طلاق إحداهما وجه قياس قول أبي حنيفة ما ذكرنا ان الدعوى شرط والمدعى مجهول وجه الاستحسان أن المدعى ههنا معلوم لان الاعتاق في مرض الموت وصية والخصم في تنفيذ الوصية هو الموصى فكان الميت المشهود له لوقوع الشهادة له فكان المدعى معلوما فجازت الشهادة له بخلاف حال الصحة فان الشهادة هناك وقعت لاحد العبدين فكان المشهود له مجهولا فلم تجز الشهادة ولان المولى لما مات فقد شاع العتق فيهما جميعا فصار كل واحد منهما خصما في حق نفسه متعينا فتقبل الشهادة بخلاف حال الحياة والصحة وكذلك جواب أبي حنيفة في هذه المسألة في الأمتين بأن شهدا بأنه أعتق احدى أمتيه انها لا تقبل لان انعدام اشتراط الدعوى بقبول الشهادة على عتق الأمة لكونه سببا لحرمة الفرج وهي حق الله تعالى ولا تثبت حرمة الفرج بالعتق المبهم عند أبي حنيفة فكان الجواب في العبدين والأمتين ههنا عنده على السواء بخلاف ما إذا شهدا على أنه طلق احدى امرأتيه انها تقبل لأنها قامت على سبب حرمة الفرج والدعوى فيها ليست بشرط ولو شهدا ان أحد هذين الرجلين أعتق عبده فلانا لم تجز شهادتهما لان المدعى عليه مجهول ولو شهدا أنه أعتق عبدا له وسماه ونسيناه ان الشهادة باطلة لان الشاهد إذا نسي ما تحمل لا تقبل شهادته ولو شهدا أنه أعتق عبده سالما ولا يعرفان سالما وله عبد اسمه سالم ليس له غيره تقبل شهادتهما ولو شهدا به في البيع لا تقبل ووجه الفرق ان البيع لا يحتمل الجهالة أصلا والعتق يحتمل ضربا من الجهالة ألا ترى أنه لا يجوز بيع أحد العبدين ويجوز اعتاق أحد العبدين ولو اختلف الشاهدان في الشرط الذي علق به العتق لم تجز شهادتهما لأنهما شهدا بعقدين كل عقد لا يثبت الا بشهادة شاهدين ولم يوجد والأصل فيه انه إذا اختلفت شهادة الشاهدين فإن كان ذلك في دعوى العتق لا تقبل أصلا وإن كان في دعوى المال ففيه تفصيل ووفاق واختلاف نذكر ذلك كله في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى والله عز وجل أعلم (كتاب التدبير) الكلام في هذا الكتاب يقع فيما ذكرنا في كتاب العتق وهو بيان ركن التدبير وبيان شرائط الركن وبيان صفة التدبير وبيان حكم التدبير ووقت ثبوت حكمه وبيان ما يظهر به التدبير (فصل) أما الأول فركن التدبير هو اللفظ الدال على معنى التدبير لغة وهو اثبات العتق عن دبر ثم اثبات العتق عن دبر نوعان مطلق ومقيد أما المطلق فهو أن يعلق الرجل عتق عبده بموته مطلقا وله ألفاظ قد تكون بصريح اللفظ مثل أن يقول أنت مدبر أو دبرتك وقد تكون بلفظ التحرير والاعتاق نحو أن يقول أنت حر بعد موتى أو حررتك بعد موتى أو أنت معتق أو عتيق بعد موتى أو أعتقتك بعد موتى وكذا إذا قال أنت حر عند موتى أو مع موتى أو في موتى هو بمنزلة قوله بعد موتى لان عند كلمة حضرة فعند الموت يستدعى وجود الموت فيكون موته بمعنى الشرط وجمع للمقارنة ومقارنة الشئ يقتضى وجودهما وفى للظرف فإذا دخل ما لا يصلح ظرفا يجعل شرطا كما إذا قال لعبده أنت حر في دخولك الدار وقد يكون بلفظ اليمين بأن يقول إن مت فأنت حر أو يقول إذا مت أو متى مت أو متى ما مت أو ان حدث بي حدث أو متى حدث بي لأنه علق العتق بالموت مطلقا وكذا إذا ذكر في هذه الألفاظ مكان الموت الوفاة أو الهلاك ولو قال إن مات فلان فأنت حر لم يكن مدبرا لأنه لم يوجد تعليق عتق عبده بموته فلم يكن هذا تدبير بل كان تعليقا بشرط مطلق كالتعليق بسائر الشروط من دخول الدار وكلام زيد وغير ذلك وقال أبو يوسف لو قال أنت حر ان مت أو قتلت فليس بمدبر وقال زفر هو مدبر لأنه علق عتقه بالموت وأنه علق عتقه بالموت وأنه كائن لا محالة ولأبي يوسف ان علق بأحد الامرين فلا يصير مدبرا
(١١٢)