بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٨٤
يسافر به فلابد من بيان ما يلبس وما يطبخ في القدر لان اللبس يختلف باختلاف اللابس والقدر يختلف باختلاف المطبوخ فلابد من البيان ليصير المعقود عليه معلوما فان اختصما حين وقعت الإجارة في هذه الأشياء قبل أن يزرع أو يبنى أو يغرس أو قبل أن يحمل على الدابة أو يركبها أو قبل أن يلبس الثوب أو يطبخ في القدر فان القاضي يفسخ الإجارة لأن العقد وقع فاسدا ورفع الفساد واجب حقا للشرع فان زرع الأرض وحمل الدابة ولبس الثوب وطبخ في القدر فمضت المدة فله ما سمى استحسانا والقياس أن يكون له أجر المثل لأنه استوفى المنفعة بعقد فاسد واستيفاء المنفعة بعقد فاسد يوجب أجر المثل لا المسمى وجه الاستحسان ان المفسد جهالة المعقود عليه والمعقود عليه قد تعين بالزراعة واللبس والطبخ فزالت الجهالة فقد استوفى المعقود عليه في عقد صحيح فيجب كمال المسمى كما لو كان متعينا في الابتداء ولو فسخ القاضي الإجارة ثم زرع أو حمل أو لبس أو غير ذلك لا يجب شئ لان القاضي لما نقض فقد بطل العقد فصار مستعملا مال الغير من غير عقد فصار غاصبا والمنافع على أصلنا لا تتقوم الا بالعقد الصحيح أو الفاسد ولم يوجد ومنها بان العمل في استئجار الصناع والعمال لان جهالة العمل في الاستئجار على الاعمال جهالة مفضية إلى المنازعة فيفسد العقد حتى لو استأجر عاملا ولم يسم له العمل من القصارة والخياطة والرعي ونحو ذلك لم يجز العقد وكذا بيان المعمول فيه في الأجير المشترك اما بالإشارة والتعيين أو ببيان الجنس والنوع والقدر والصفة في ثوب القصارة والخياطة وبيان الجنس والقدر في إجارة الراعي من الخيل والإبل أو البقر أو الغنم وعددها لان العمل يختلف باختلاف المعمول وعلى هذا يخرج ما إذا استأجر حفارا ليحفر له بئرا انه لابد من بيان مكان الحفر وعمق البئر وعرضها لان عمل الحفر يختلف باختلاف عمق المحفور وعرضه ومكان الحفر من الصلابة والرخاوة فيحتاج إلى البيان ليصير المعقود عليه معلوما وهل يشترط فيه بيان المدة اما في استئجار الراعي المشترك فيشترط لان قدر المعقود عليه لا يصير معلوما بدونه وأما في استئجار القصار المشترك والخياط المشترك فلا يشترط حتى لو دفع إلى خياط أو قصار أثوابا معلومة ليخيطها أو ليقصرها جاز من غير بيان المدة لان المعقود عليه يصير معلوما بدونه وأما في الأجير الخاص فلا يشترط بيان جنس المعمول فيه ونوعه وقدره وصفته وإنما يشترط بيان المدة فقط وبيان المدة في استئجار الظئر شرط جوازه بمنزلة استئجار العبد للخدمة لان المعقود عليه هو الخدمة فما جاز فيه جاز في الظئر وما لم يجز فيه لم يجز فيها الا ان أبا حنيفة استحسن في الظئر ان تستأجر بطعامها وكسوتها لما نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى ولو استأجر انسانا ليبيع له ويشترى ولم يبين المدة لم يجز لجهالة قدر منفعة البيع والشراء ولو بين المدة بان استأجره شهرا لبيع له ويشترى جاز لان قدر المنفعة صار معلوما ببيان المدة وما روى عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم قال كنا نبيع في أسواق المدينة نسمى أنفسنا السماسرة فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمانا بأحسن الأسماء فقال صلى الله عليه وسلم يا معشر التجار ان بيعكم هذا يحضره اللغو والكذب فشوبوه بالصدقة والسمسار هو الذي يبيع أو يشترى لغيره بالأجرة فهو محمول على ما إذا كانت المدة معلومة وكذا إذا قال بع لي هذا الثوب ولك درهم وبين المدة وان لم يبين فباع واشترى فله أجر مثل عمله لأنه استوفى منفعته بعقد فاسد قال الفضل بن غائم سمعت أبا يوسف قال لا بأس أن يستأجر القاضي رجلا مشاهرة على أن يضرب الحدود بين يديه وإن كان غير مشاهرة فالإجارة فاسدة لأنها إذا كانت مشاهرة كان المعقود عليه معلوما ببيان المدة ويستحق الأجرة فيها بتسليم النفس عمل أو لم يعمل وإذا لم يذكر الوقت بقي المعقود عليه مجهولا لان قدر الحدود التي سماها غير معلوم وكذا محل الإقامة مجهول وذكر محمد في السير الكبير إذا استأجر الامام رجلا ليقتل المرتدين والأسارى لم يجز عند أصحابنا وان استأجره لقطع اليد جاز ولا فرق بينهما عندي والإجارة جائزة فيهما هكذا ذكر محمد وأراد بقوله أصحابنا أبا يوسف وأبا حنيفة وعلى هذا الخلاف إذا استأجر رجل رجلا لاستيفاء القصاص في النفس وجه قوله إنه استأجره لعمل معلوم وهو القتل ومحله معلوم وهو العنق إذ لا يباح له العدول عنه فيجوز كما لو استأجره لقطع اليد وذبح الشاة ولهما أن محله من العنق ليس بمعلوم
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222