والصباغ فقال رب الثوب والخف عملته لي بغير شرط وقال الصانع لابل عملته بأجرة درهم أو اختلف رب الدار مع المستأجر فقال رب الدار أجرتها منك بدرهم وقال الساكن بل سكنتها عارية فالقول قول صاحب الثوب والخف وساكن الدار في قول أبي حنيفة مع يمينه ولا أجر عليه وقال أبو يوسف إن كان الرجل حرا ثقة فعليه الاجر والا فلا وقال محمد إن كان الرجل انتصب للعمل فالقول قوله وان لم يكن انتصب للعمل فالقول قول صاحبه وعلى هذا الخلاف إذا اتفقا على أنهما لم يشترطا الاجر لكن الصانع قال إني إنما عملت بالاجر وقال رب الثوب ما شرطت لك شيئا فلا يستحق شيئا (وجه) قولهما اعتبار العرف والعادة فان انتصابه للعمل وفتحه الدكان لذلك دليل على أنه لا يعمل الا بالأجرة وكذا إذا كان حريفه فكان العقد موجودا دلالة كالثابت نصا ولأبي حنيفة ان المنافع على أصلنا لا تتقوم الا بالعقد ولم يوجد أما إذا اتفقا على أنهما لم يشترطا الاجر فظاهر وكذا إذا اختلفا في الشرط لأن العقد لا يثبت مع الاختلاف للتعارض فلا تجب الأجرة ثم إن كان في المصنوع عين قائمة للصانع كالصبغ الذي يزيد والنعل يغرم رب الثوب والخف للصانع ما زاد الصبغ والنعل فيه لا يجاوز به درهما والا فلا والله عز وجل أعلم (فصل) وأما بيان ما ينتهى به عقد الإجارة فعقد الإجارة ينتهى بأشياء منها الإقالة لأنه معاوضة المال بالمال فكان محتملا للإقالة كالبيع ومنها موت من وقع له الإجارة الا لعذر عندنا وعند الشافعي لا تبطل بالموت كبيع العين والكلام فيه على أصل ذكرناه في كيفية انعقاد هذا العقد وهو ان الإجارة عندنا تنعقدنا ساعة فساعة على حسب حدوث المنافع شيئا فشيئا وإذا كان كذلك فما يحدث من المنافع في يد الوارث لم يملكها المورث لعدمها والملك صفة الموجود لا المعذور فلا يملكها الوراث إذ الوارث إنما يملك ما كان على ملك المورث فما لم يملكه يستحيل وراثته بخلاف بين العين لأن العين ملكه قائم بنفسه ملكه المورث إلى وقت الموت فجاز أن ينتقل منه إلى الوارث لان المنافع لا تملك الا بالعقد وما يحدث منها في يد الا ارث لم يعقد عليه رأسا لأنها كانت معدومة حال حياة المورث والوراث لم يعقد عليها فلا يثبت الملك فيها للوارث وعند الشافعي منافع المدة تجعل موجودة لحال كأنها أعيان قائمة فأشبه بيع العين والبيع لا يبطل بموت أحد المتبايعين كذا الإجارة وعلى هذا يخرج ما إذا أجر رجلا ن دارا من رجل ثم مات أحد المؤاجرين ان الإجارة تبطل في نصيبه عندنا وتبقى في نصيب الحي على حالها لان هذا شيوع طارئ وانه لا يؤثر في العقد في الرواية المشهورة لما بينا فيما تقدم وكذلك لو استأجر رجلان من رجل دارا فمات أحد المستأجرين فان رضى الوراث بالبقاء على العقد ورضى العاقد أيضا جاز ويكون ذلك بمنزلة عقد مبتدأ ولو مات الوكيل بالعقد لا تبطل الإجارة لأن العقد لم يقع له وإنما هو عاقد وكذا لو مات الأب أو الوصي لما قلنا وكذا لو مات أبو الصبي في استئجار الظئر لا تنقض الإجارة لان الإجارة وقعت للصبي والظئر وهما قائمان ولو مات الظئر انتقضت الإجارة وكذا لو مات الصبي لان كلها واحد منهما معقود له والأصل ان الإجارة تبطل بموت المعقود له ولا تبطل بموت العاقد وإنما كان كذلك لان استيفاء العقد بعد موت من وقع له العقد يوجب تغيير موجب العقد لان من وقع له إن كان هو المؤاجر فالعقد يقتضى استيفاء المنافع من ملكه ولو بقيناه بعد موته لاستوفيت المنافع من ملك غيره وهذا خلاف مقتضى العقد وإن كان هو المستأجر فالعقد يقتضى استحقاق الأجرة من ماله ولو بقينا العقد بعد موته لاستحقت الأجرة من مال غيره وهذا خلاف موجب العقد بخلاف ما إذا مات من لم يقع العقد له كالوكيل ونحوه لأن العقد منه لا يقع مقتضيا استحقاق المنافع ولا استحقاق الأجرة من ملكه فابقاء العقد بعد موته لا يوجب تغير موجب العقد وكذلك الولي في الوقف إذا عقد ثم مات لا تنتقض الإجارة لأن العقد لم يقع له فموته لا يغير حكمه ولو استأجر دابة إلى مكة فمات المؤاجر في بعض المفازة فله ان يركبها أو يحمل عليها إلى مكة أو إلى أقرب الأماكن من المصر لان الحكم ببطلان الإجارة وههنا يؤدى إلى الضرر بالمستأجر لما فيه من تعريض ماله ونفسه إلى التلف فجعل
(٢٢٢)