بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٩٠
أرأيت لو استأجره ليخرج له حمارا ميتا أما يجوز ذلك ويجوز الاستئجار على نقل الميت الكافر إلى المقبرة لأنه جيفة فيدفع أذيتها عن الناس كسائر الأنجاس وأما الاستئجار على نقله من بلد إلى بلد فقد قال محمد ابتلينا بمسألة ميت مات من المشركين فاستأجروا له من يحمله إلى موضع فيدفنه في غير الموضع الذي مات فيه أراد بذلك إذا استأجروا له من ينقله من بلد إلى بلد فقال أبو يوسف لا أجر له وقلت أنا إن كان الحمال الذي حمله يعلم أنه جيفة فلا أجر له وان لم يعلم فله الاجر وجه قول محمد ان الأجير إذا علم أنه جيفة فقد نقل ما لا يجوز له نقله فلا يستحق الاجر وإذا لم يعلم فقد غروه بالتسمية والغرور يوجب الضمان ولأبي يوسف ان الأصل أن لا يجوز نقل الجيفة وإنما رخص في نقلها للضرورة وهي ضرورة رفع أذيتها ولا ضرورة في النقل من بلد إلى بلد فبقي على أصل الحرمة كنقل الميتة من بلد إلى بدل ومن استأجر حملا يحمل له الخمر فله الاجر في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا أجر له كذا ذكر في الأصل وذكر في الجامع الصغير أنه يطيب له الاجر في قول أبي حنيفة وعندهما يكره لهما أن هذه إجارة على المعصية لان حمل الخمر معصية لكونه إعانة على المعصية وقد قال الله عز وجل ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ولهذا لعن الله تعالى عشرة منهم حاملها والمحمول إليه ولأبي حنيفة ان نفس الحمل ليس بمعصية بدليل ان حملها للاراقة أو التخليل مباح وكذا ليس بسبب للمعصية وهو الشرب لان ذلك يحصل بفعل فاعل مختار وليس الحمل من ضرورات الشرب فكانت سببا محضا فلا حكم له كعصر العنب وقطفه والحديث محمول على الحمل بنية الشرب وبه نقول إن ذلك معصية ويكره أكل أجرته ولا تجوز إجارة الإماء للزنا لأنها إجارة على المعصية وقيل فيه نزل قوله تعالى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا وروى عن رسول الله صلى الله وعليه وسلم انه نهى عن مهر البغي وهو أجر الزانية على الزنا وتجوز الإجارة للحجامة وأخذ الأجرة عليها لان الحجامة أمر مباح وما ورد من النهى عن كسب الحجام في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من السحت عسب التيس وكسب الحجام فهو محمول على الكراهة لدناءة الفعل والدليل عليه ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال ذلك أتاه رجل من الأنصار فقال إن لي حجاما وناضحا فأعلف ناضحي من كسبه قال صلى الله عليه وسلم نعم وروى أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام دينارا ولا يجوز استئجار الرجل أباه ليخدمه لأنه مأمور بتعظيم أبيه وفى الاستخدام استخفاف به فكان حراما فكان هذا استئجارا على المعصية وسواء كان الأب حرا أو عبدا استأجره ابنه من مولاه ليخدمه لأنه لا يجوز استئجار الأب حرا كان أو عبدا وسواء كان الأب مسلما أو ذميا لان تعظيم الأب واجب وان اختلف الدين قال الله تعالى وصاحبهما في الدنيا معروفا وهذا في الأبوين الكافرين لأنه معطوف على قوله عز وجل وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمها وان شئت أفردت لجنس هذه المسائل شرطا وخرجتها عليه فقلت ومنها أن تكون المنفعة مباحة الاستيفاء فإن كانت محظورة الاستيفاء لم تجز الإجارة لكن في هذا شبهة التداخل في الشروط والصناعة تمنع من ذلك وعلى هذا يخرج ما إذا استأجر رجلا على العمل في شئ هو فيه شريكه نحو ما إذا كان بين اثنين طعام فاستأجر أحدهما صاحبه على أن يحمل نصيبه إلى مكان معلوم والطعام غير مقسوم فحمل الطعام كله أو استأجر غلام صاحبه أو دابة صاحبه على ذلك أنه لا تجوز هذه الإجارة عند أصحابنا وإذا حمل لا اجر له وعند الشافعي هذه الإجارة جائزة وله الاجر إذا حمل وجه قوله إن الاجر تابع نصف منفعة الحمل الشائعة من شريكه لان الإجارة بيع المنفعة فتصح في الشائع كبيع العين وهذا لان عمله وهو الحمل وان صادف محلا مشتركا وهو لا يستحق الأجرة بالعمل في نصيب نفسه فيستحقها بالعمل فنصيب شريكه ولنا انه اجر ما لا يقدر على ايفائه لتعذر تسليم الشائع بنفسه فلم يكن المقدور عليه مقدور والاستيفاء وإنما لا يجب الاجر أصلا لأنه لا يتصور استيفاء المعقود عليه إذ لا يتصور حمل نصف الطعام تبايعا ووجوب أجر المثل يقف على استيفاء المعقود عليه ولم يوجد فلا يجب بخلاف ما إذا استأجر من رجل بيتا له ليضع فيه طعاما مشتركا بينهما أو سفينة أو جوالقا ان الإجارة جائزة لان التسليم ثمة يتحقق بدون الوضع
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222