بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٤٠
(فصل) وأما مقدار الواجب فمقدار الكفاية لان وجوبها للكفاية فتقدر بقدر الكفاية كنفقة الأقارب (فصل) وأما كيفية وجوبها فإنها تجب على وجه يجبر عليها عند الطلب والخصومة في الجملة بيان ذلك أن المملوك إذا خاصم مولاه في النفقة عند القاضي فان القاضي يأمره بالنفقة عليه فان أبى ينظر القاضي فكل من يصلح للإجارة يؤاجره وينفق عليه من أجرته أو يبيعه إن كان محلا للبيع كاقن رأى البيع أصلح ولا يجبر على الانفاق وان لم يصلح للإجارة بأن كان صغيرا أو جارية ولا محلا للبيع كالمدبر وأم الولد يجبره على الانفاق لأنه لا يمكن بيعه ولا اجارته وتركه جائعا تضييع إلى آدمي فيجبر المولى على الانفاق والله عز وجل أعلم (وأما) نفقة البهائم فلا يجبر عليها في ظاهر الرواية ولكنه يفتى فيما بينه وبين الله تعالى أن ينفق عليها وروى عن أبي يوسف أنه يجبر عليها لان في تركه جائعا تعذيب الحيوان بلا فائدة وتضييع المال ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك كله ولأنه سفه لخلوه عن العاقبة الحميدة والسفه حرام عقلا وجه ظاهر الرواية أن الجبر على الحق يكون عند الطلب والخصومة من صاحب الحق ولا خصم فلا يجبر ولكن تجب فيما بينه وبين الله تعالى لما قاله أبو يوسف وكما نفقة الجمادات كالدور والعقار فلا يجبر عليها لما قلنا ولا يفتى أيضا بالوجوب الا أنه إذا كان هناك تضييع المال فيكره له ذلك والله عز وجل أعلم (كتاب الحضانة) الكلام في هذا الكتاب في مواضع في تفسير الحضانة وفي بيان من له الحضانة وفي بيان مدد الحضانة وفي بيان مكان الحضانة أما الأول فالحضانة في اللغة تستعمل في معنيين كأحدهما جعل الشئ في ناحية يقال حضن الرجل الشئ أي اعتزله فجعله في ناحية منه والثاني لاضم إلى الجنب يقال حضنته واحتضنته إذا ضممته إلى جنبك والحضن الجنب فحضانة الام ولدها هي ضمها إياه إلى جنبها واعتزالها إياه من أبيه ليكون عندها فتقوم بحفظه وامساكه وغسل ثيابه ولا تجبر الام على ارضاعه الا أن لا يوجد من ترضعه فتجبر عليه وهذا قول عامة العلماء وقال مالك إن كانت شريفة لم تجبر وإن كانت دنية تجبر والصحيح قول العامة لقوله عز وجل لا تضار والدة بولدها قيل في بعض وجوه التأويل أي لا تضار بالزام الارضاع مع كراهتها وقوله عز وجل في المطلقات فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن جعل تعالى أجر الرضاع على الأب لا على الام مع وجودها فدل ان الرضاع ليس على الام وقوله عز وجل وعلى المولود رزقهن وكسوتهن بالمعروف أي رزق الوالدات المرضعات قان أريد به المطلقات ففيه أنه لا ارضاع على الام حيث أوجب بدل الارضاع على الأب مع وجود الام وان أريد به المنكوحات كان المراد منه والله عز وجل أعلم ايجاب زيادة النفقة على الأب للام المرضعة لأجل الولد والا فالنفقة تستحقها المنكوحة من غير ولد ولا ن الارضاع انفاق على الولد ونفقة الولد يختص بها الوالد لا يشاركه فيها كنفقته بعد الاستغناء فكما لا تجب عليها نفقته بعد الاستغناء لا تجب عليها قبله وهو ارضاعه وهذا في الحكم وأما في الفتوى فتفتي بأنها ترضعه لقوله تعالى لا تضار والدة بولدها قيل في بعض تأويلات الآية أي لا تضار بولدها بان ترميه على الزوج بعد ما عرفها وألفها ولا ترضعه فيتضرر الولد ومتى تضرر الولد تضرر الوالد لأنه يتألم قلبه بذلك وقد قال الله تعالى ولا مولود له بولده أي لا يضار المولود بسبب الاضرار بولده كذا قيل في بعض وجوه التأويل ولان النكاح عقد سكن وازدواج وذلك لا يحصل الا باجماعهما على مصالح النكاح ومنها ارضاع الولد فيفتى به ولكنها ان أبت لا تجبر عليه لما قلنا الا إذا كان لا يوجد من يرضعه فحينئذ تجبر على ارضاعه إذ لو لم تجبر عليه لهلك الولد ولو التمس الأب لولده مرضعا فأرادت الام أن ترضعه بنفسها فهي أولى لأنها أشفق عليه ولان في انتزاع الولد منها اضرارا بها وانه منهى عنه لقوله عز وجل لا تضار والدة بولدها قيل في بعض الأقاويل أي لا يضارها زوجها بانتزاع الولد منها وهي تريد امساكه وارضاعه فان أرادت أن تأخذ على ذلك أجرا في صلب النكاح لم يجز لها ذلك لان الارضاع وان لم يكن مستحقا عليها في الحكم فهو مستحق في الفتوى ولا يجوز أخذ
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222