وذكر القدوري ان هذه الرواية هي الصحيحة ووجهها ان الواجب في الإجارة الفاسدة اجر المثل لا يزاد على المسمى والمسمى في اليوم الثاني نصف درهم لا درهم إنما الدرهم مسمى في اليوم الأول وذلك عقد آخر فلا يعتبر فيه وجه رواية الأصل انه اجتمع في الغد تسميتان لان التسمية الأولى عند مجئ الغد قائمة لما ذكرنا فيعمل بهما فتعتبر الأولى لمنع الزيادة والثانية لمنع النقصان فان خطاب نصفه في اليوم الأول نصفه في الغد فله نصف المسمى لأجل خياطته في اليوم الأول أجر المثل لأجل خياطته في الغد لا يزاد على درهم ولا ينقص عن نصف درهم فان خاطه في اليوم الثالث فقد روى ابن سماعة عن محمد عن أبي حنيفة أن له أجر مثله لا تجاوز به نصف درهم لان صاحب الثوب لم يرض بتأخيره إلى الغد بأكثر من النصف فبتأخيره إلى اليوم الثالث أولى فان قال إن خطته اليوم فلك درهم وان خطته غدا فلا أجر لك ذكر محمد في املائه أنه ان خاطه في اليوم الأول فله درهم وان خاطه في اليوم الثاني فله أجر مثله لا يزاد على درهم لان اسقاطه في اليوم الثاني لا ينفى وجوبه في اليوم الأول ونفى التسمية في اليوم الثاني لا ينفى أصل العقد فكان في اليوم الثاني عقد لا تسمية فيه ويجب اجر المثل ولو قال إن خطته أنت فاجرك درهم وان خاطه تلميذك فاجرك نصف درهم فهذا والخياطة الرومية والفارسية سواء ولو استأجر دارا شهرا بعشرة دراهم على أنه ان سكنها يوما ثم خرج فعليه عشرة دراهم فهو فاسد لان المعقود عليه مجهول وهو سكنى شهرا ويوم الله عز وجل أعلم ومنها أن يكون مقدور الاستيفاء حقيقة وشرعا لأن العقد لا يقع وسيلة إلى المعقود بدونه فلا يجوز استئجار الآبق لأنه لا يقدر على استيفاء منفعته حقيقة لكونه معجوز التسليم حقيقة ولهذا لم يجز بيعه ولا تجوز إجارة المغصوب من غير الغاصب كما لا يجوز بيعه من غيره لما فلنا وعلى هذا يخرج إجارة المشاع من غير الشريك انها غير جائزة عند أبي حنيفة وزفر وقال أبو يوسف ومحمد الشافعي انها جائزة وجه قولهم إن الإجارة أحد نوعي البيع فيعتبر بالنوع الآخر وهو بيع العين وانه جائز في المشاع وكذا هذا فلو امتنع تعذر استيفاء منفعة بسبب الشياع والمشاع مقدور الانتفاع بالمهايأة ولهذا جاز بيعه وكذا يجوز من الشريك أو من الشركاء في صفقة واحدة فكذا من الأجنبي والدليل عليه أن الشيوع الطارئ لا يفسد الإجارة فكذا المقارن لان الطارئ في باب الإجارة مقارن لان المعقود عليه المنفعة وانها تحدث شيئا فشيئا فكان كل جزء يحدث معقودا عليه مبتدأ ولأبي حنيفة ان منفعة المشاع غير مقدور الاستيفاء لان استيفاءها بتسليم المشاع والمشاع غير مقدور بنفسه لأنه اسم لسهم غير معنى وغير المعين لا بتصور تسليمه بنفسه حقيقة وإنما يتصور تسليمه بتسليم الباقي وذلك غير معقود عليه فلا يتصور تسليمه شرعا وأما قولهما انه يمكن استيفاء منفعة المشاع بالتهايئ فنقول لا يمكن على الوجه الذي يقتضيه العقد وهو الانتفاع بالنصف في كل المدة لان التهايؤ بالزمن انتفاع بالكل في نصف المدة وذا ليس بمقتضى العقد والتهايؤ بالمكان انتفاع برفع المستأجر في كل المدة لان نصف هذا النصف له بالملك ونصفه على طريق البدل عما في يد صاحبه وانه ليس بمقتضى العقد أيضا فإذا لا يمكن تسليم المعقود عليه على الوجه الذي يقتضيه العقد أصلا ورأسا فلا يكون المعقود عليه مقدور الاستيفاء حقيقة وشرعا ولان تجويز هذا القعد بالمهايأة يؤدى إلى الدور لأنه لا مهايأة الا بعد ثبوت الملك ولا ملك الا بعد وجود العقد ولا عقد الا بعد وجود شرطه وهو القدرة على التسليم فيتعلق كل واحد بصاحبه فلا يتصور وجوده بخلاف البيع لان كون المبيع مقدور الانتفاع ليس بشرط لجواز البيع فان بيع المهر والجحش والأرض السبخة جائز وان لم يكن منتفعا بها ولهذا يدخل الشرب والطريق في الإجارة من غير تسمية ولا يدخلان في البيع الا بالتسمية لان كون المستأجر منتفعا به بنفسه شرط صحة الإجارة ولا يمكن الانتفاع بدون الشرب والطريق بخلاف البيع وأما الإجارة من الشريك فعن أبي حنيفة فيه روايتان ولئن سلمنا على الرواية المشهورة فلان المعقود عليه هناك مقدور الاستيفاء بدون المهاياة لان منفعة كل الدار تحدث على ملك المستأجر لكن بسببين مختلفين بعضها بسبب الملك وبعضها بسبب الإجارة وكذا الشيوع الطارئ فيه روايتان عن أبي حنيفة في رواية تفسد الإجارة كالمقارن
(١٨٧)