بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٨٥
بخلاف القطع فان محله من اليد معلوم وهو المفصل وكذا محل الذبح الحلقوم والودجان وذلك معلوم وقال ابن رستم عن محمد في رجل قال لرجل اقتل هذا الذئب أو هذا الأسد ولك درهم وهما صيد ليسا للمستأجر فقتله فان له أجر مثله لا أجاوز به درهما لان الأسد والذئب إذا لم يكونا في يده فيحتاج في قتلهما إلى المعالجة فكان العمل مجهولا وإنما وجب عليه أجر المثل لأنه استوفى المنفعة بعقد فاسد ويكون الصيد للمستأجر لان قتل الصيد سبب لتملكه وعمل الأجير يقع للمستأجر فصار كأنه قتله بنفسه وعلى هذا يخرج ما إذا قال لرجل استأجرتك لتخيط هذا الثوب اليوم أو لتقصر هذا الثوب اليوم أو لتخبز قفيز الدقيق اليوم أو قال استأجرتك هذا اليوم لتخيط هذا الثوب أو لتقصر أو لتخبز قدم اليوم أو أخره ان الإجارة فاسدة في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد جائزة وعلى هذا الخلاف إذا استأجر الدابة إلى الكوفة أياما مسماة فالإجارة فاسدة عنده وعندهما جائزة وجه قولهما ان المعقود عليه هو العمل لأنه هو المقصود والعمل معلوم فاما ذكر المدة فهو التعجيل فلم تكن المدة معقودا عليها فذكرها لا يمنع جواز العقد وإذا وقعت الإجارة على العمل فان فرغ منه قبل تمام المدة أي اليوم فله كمال الاجر وان لم يفرغ منه في اليوم فعليه أن يعمله في الغد كما إذا دفع إلى خياط ثوبا ليقطعه ويخيطه قميصا على أن يفرغ منه في يومه هذا أو اكترى من رجل إبلا إلى مكة على أن يدخله إلى عشرين ليلة كل بعير بعشرة دنانير مثلا ولم يزد على هذا ان الإجارة جائزة ثم إن وفى بالشرط أخذ المسمى وان لم يف به فله أجر مثله لا يزاد على ما شرطه ولأبي حنيفة ان المعقود عليه مجهول لأنه ذكر أمرين كل واحد منهما يجوز أن يكون معقودا عليه أعني العمل والمدة أما العمل فظاهر وكذا ذكر المدة بدليل انه لو استأجره يوما للخبازة من غير بيان قدر ما يخبز جاز وكان الجواب باعتبار انه جعل المعقود عليه المنفعة والمنفعة مقدرة بالوقت ولا يمكن الجمع بينهما في كون كل واحد منهما معقودا عليه لان حكمهما مختلف لأن العقد على بالمدة يقتضى وجوب الاجر من غير عمل لأنه يكون أجيرا خالصا والعقد على العمل يقتضى وجوب الاجر بالعمل لأنه يصير أجيرا مشتركا فكان المعقود عليه أحدهما وليس أحدهما بأولى من الآخر فكان مجهولا وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد بخلاف تلك المسألة لان قوله على أن يفرغ منه في يومى هذا ليس جعل الوقت معقودا عليه بل هو بيان صفة العمل بدليل انه لو لم يعمل في اليوم وعمل في الغد يستحق أجر المثل ولو قال أجرتك هذه الدار شهرا بخمسة دراهم أو هذه الأخرى شهرا بعشرة دراهم أو كان هذا القول في حانوتين أو عبدين أن مسافتين مختلفتين بان قال أجرتك هذه الدابة إلى واسط بكذا أو إلى مكة بكذا فذلك جائز عند أصحابنا الثلاثة استحسانا وعند زفر والشافعي لا يجوز قياسا وعلى هذا إذا خيره بين ثلاثة أشياء وان ذكر أربعة لم يجز وعلى هذا أنواع الخياطة والصبغ انه ان ذكر ثلاثة جاز عندنا ولا يجوز ما زاد عليها كما في بيع العين وجه القياس انه أضاف العقد إلى أحد المذكورين وهو مجهول فلا يصح ولهذا لم يصح إذا أضيف إلى أحد الأشياء الأربعة ولنا أنه خيره بين عقد معلومين في محلين متقومين ببدلين كما لو قال إن رددت الآبق من موضع كذا فلك كذا وان رددته من موضع كذا فلك كذا وكما لو قال إن خيطت هذا الثوب فبدرهم وان خيطت هذا الآخر فبدرهم وعملهما سواء وكما لو قال إن سرت على هذه الدابة إلى موضع كذا فبدرهم وان سرت إلى موضع كذا فبدرهم والمسافة سواء وأما قولهما ان العقد أضيف إلى أحد المذكورين من غير عين فنعم لكن فوض خيار التعيين إلى المستأجر ومثل هذه الجهالة لا تفضى إلى المنازعة كجهالة قفيز من الصبرة ولهذا أجاز البيع فالإجارة أولى لأنها أوسع من البيع ألا ترى انها تقبل من الخطر ما لا يقبله البيع ولهذا جوزوا هذه الإجارة من غير شرط الخيار ولم يجوزوا البيع الا بشرط الخيار وكذلك إذا دفع إلى خياط ثوبا فقال له ان خطته فارسيا فلك درهم وان خطته روميا فلك درهمان أو قال لصباغ صبغت هذا الثوب بعصفر فلك درهم ن وان صيغته بزعفران فلك درهمان فذلك جائز لأنه خيره بين ايفاء منفعتين معلومتين فلا جهالة ولان الاجر على أصل أصحابنا لا يجب الا بالعمل وحين يأخذ في أحد العملين تعين ذلك الاجر وهذا عند أصحابنا الثلاثة فاما عند زفر فالإجارة فاسدة لان المعقود عليه مجهول والجواب ما ذكرناه ولو
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222