بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٢٠
ثلثه بالموت فقد عتق كله وبطل التأجيل في بدل الكتابة فصار المالان جميعا حالا وعليه أخذ المالين اما الكتابة واما السعاية وأحدهما أقل والآخر أكثر فلا فائدة في التخيير لأنه يختار الأقل لا محالة ولان الواجب عليه إذا كان أحد المالين وأحدهما أكثر من الآخر أو أقل كان الأقل متيقنا به فليزمه ذلك وأما فصل المقدار فوجه قول محمد ان بدل الكتابة كله قوبل بكل الرقبة لأن العقد قد انعقد عليه حيث قال كاتبتك على كذا وقد عتق ثلث الرقبة فيسقط عنه ما كان بمقابلته وهو ثلث البدل فيبقى الثلثان ولان ثلث مال المولى لو كان مثل كل قيمة العبد لسقط عنه كل بدل الكتابة فإذا كان مثل ثلث قيمته يجب ان يسقط ثلث بدل الكتابة فيبقى الثلثان فيسعى في الأقل من ثلثي الكتابة ومن ثلثي القيمة لما قلنا ولهما ان العبد كان استحق ثلث رقبته بالتدبير السابق قبل عقد الكتابة فإنه يسلم له ذلك كائنا ما كان فإذا كاتبه بعد ذلك فالبدل لا يقابل القدر المستحق وهو الثلث وإنما يقابل الثلثين فإذا قال كاتبتك على كذا فقد جعل المال بمقابلة ما لا يصح المقابلة به وهو الثلث وبمقابلة ما يصح المقابلة به وهو الثلثان فيصرف كل البدل إلى ما يصح المقابلة به وهو الثلثان كمن طلق امرأته الحرة تطليقتين ثم طلقها ثلاثا على ألف درهم لزمها كل الألف لما قلنا وكذا إذا جمع بين من يحل نكاحها وبين من لا يحل نكاحها فتزوجهما بألف درهم وجبت الألف كلها بمقابلة نكاح من يحل له نكاحها عند أبي حنيفة وإذا كان الامر على ما وصفنا فالثلث وان عتق عند الموت لكن لا بدل بمقابلته وإنما البدل كله بمقابلة الثلثين فلم يسقط من البدل شئ بخلاف ما إذا خرج العبد كله من الثلث لان هناك يسلم له جميع رقبته فلزم القول بالبراءة هذا إذا دبر عبده ثم كاتبه فان كاتبه ثم دبره ثم مات المولى فعلى قول أبي حنيفة ان شاء سعى في ثلثي القيمة وان شاء سعى في ثلثي الكتابة وعندهما يسعى في الأقل من ثلثي الكتابة فقد اتفقوا على المقدار ههنا حيث قالوا مقدار بدل الكتابة ثلثان وإنما كان كذلك لان هناك كاتبه والعبد لم يكن استحق شيئا من رقبته فكان جميع البدل بمقابلة جميع الرقبة وقد عتق عند الموت بسبب التدبير ثلثه فيسقط ما كان بإزائه من البدل فبقي الثلثان بلا خلاف وإنما اختلفوا في الخيار فعند أبي حنيفة يخير بين الثلثين من بدل الكتابة مؤجلا وبين ثلثي القيمة معجلا وعندهما يجب عليه الأقل منهما بناء على تجزى الاعتاق وعدم تجزيه على ما بينا في الفصل الأول والله علم عز وجل أعلم (فصل) وأما حكم التدبير فنوعان نوع يرجع إلى حياة المدبر ونوع يرجع إلى ما بعد موته أما الذي يرجع إلى حال حياة المدبر فهو ثبوت حق الحرية للمدبر إذا كان التدبير مطلقا وهذا عندنا وعند الشافعي لا حكم له في حال حياة المدبر رأسا فلا يثبت حقيقة الحرية ولا حقها بل حكمه ثبوت حقيقة الحرية بعد الموت مقصور عليه وعلى هذا يبنى بيع المدبر المطلق انه لا يجوز عندنا وعنده جائز ويجوز بيع المدبر المقيد بالاجماع احتج الشافعي بما روى عن عطاء أنه قال دبر رجل عبده فاحتاج فباعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثمانمائة درهم وأدنى درجات فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجواز ولان التدبير تعليق العتق بالشرط وانه لا يمنع جواز البيع كالتعليق بسائر الشروط من دخول الدار وكلام زيد وغير ذلك أو كالتدبير المقيد ولان فيه معنى الوصية وذلك لا يمنع جواز البيع كما إذا أوصى بعتق عبده ثم باعه ولنا ما روى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال المدبر لا يباع ولا يوهب وهو حر من ثلث المال وهذا نص في الباب وعن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المدبر ومطلق النهى يحمل على التحريم وروى عن عمر وعثمان وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم مثل مذهبنا وهو قول جماعة من التابعين مثل شريح ومسروق وسعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وأبى جعفر محمد بن علي ومحمد بن سيرين وعمر بن عبد العزيز والشعبي والحسن البصر والزهري وسعيد بن جبير وسالم بن عبد الله وطاوس ومجاهد وقتادة حتى قال أبو حنيفة لولا قول هؤلاء الأجلة لقلت بجواز بيع المدبر لما دل عليه من النظر ولنا لاثبات حق
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222