بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٤٤
البلوغ عندنا وقال الشافعي يخير الغلام إذا عقل التخيير واحتج بما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت زوجي بريد أن ينتزع ابنه منى وانه قد نفعني وسقاني من بئر أبى عتبة فقال استهما عليه فقال الرجل من يشاقني في ابن فقال النبي صلى الله عليه وسلم للغلام اختر أيهما شئت فاختار أمه فأعطاها إياه ولان في هذا نظر للصغير لأنه يحتاج الاشفق ولنا مار وينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للام أنت حق به ما لم تنكحي ولم يخير ولان تخيير الصبي ليس بحكمة لأنه لغلبة هواه يميل إلى اللذة الحاضرة من الفراغ والكسل والهرب من الكتاب وتعلم آداب النفس ومعا لم الدين فيختار شر الأبوين وهو الذي يهمله ولا يؤدبه وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فالمراد منه التخيير في حق البالغ لأنها قالت نفعني وسقاني من بئر أبى عتبة ومعنى قولها نفعني أي كسب على والبالغ وهو الذي يقدر على الكسب وقد قيل إن بئر أبى عتبة بالمدينة لا يمكن الصغير الاستقاء منه فدل على أن المراد منه التخيير في حق البالغ ونحن به نقول إن الصبي إذا بلغ نخير والدليل عليه ما روى عن عمارة بن ربيعة المخزومي أنه قال غزا أبى نحو البحرين فقتل فجاء عمى ليذهب بي فخاصمته أمي إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعي أخ لي صغير فخيرني علي رضي الله عنه ثلاثا فاخترت أمي فأبى عمى ان يرضى فوكزه علي رضي الله عنه بيده وضربه بدرته وقال لو بلغ هذا الصبي أيضا خير فهذا يدل على أن التخيير لا يكون الا بعد البلوغ (فصل) وأما بيان مكان الحضانة مكان الزوجين إذا كانت الزوجة بينهما قائمة حتى لو أراد الزوج أن يخرج من البلد وأراد أن يأخذ ولده الصغير ممن له الحضانة من النساء ليس له ذلك حتى يستغنى عنها لما ذكرنا انها أحق بالحضانة منه فلا يملك انتزاعه من يدها لما فيه من ابطال حقها فضلا عن الاخراج من البلد وان أرادت المرأة أن تخرج من المصر الذي هي فيه إلى غيره فللزوج أن يمنعها من الخروج سواء كان معها ولدا ولم يكن لان عليها المقام في بيت زوجها وكذلك إذا كانت معتدة لا يجوز لها الخروج مع الولد وبدونه ولا يجوز للزوج اخراجها لقوله عز وجل تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا أن يأتين بفاحشة مبينة وأما إذا كانت منقضية العدة فأرادت أن تخرج بولدها من البلد الذي هي فيه إلى بلد فهذا على أقسام ان أرادت أن تخرج إلى بلدها وقد وقع النكاح فيه فلها ذلك مثل ان تزوج كوفية بالكوفة ثم نقلها إلى الشام فولدت أولادا ثم وقعت الفرقة بينهما وانقضت العدة فأرادت ان تنقل أولادها إلى الكوفة فلها ذلك لان المانع هو ضرر التفريق بينه وبين ولده وقد رضى به لوجود دليل الرضا وهو التزوج بها في بلدها لان من تزوج امرأة في بلدها فالظاهر أنه يقيم فيه والولد من ثمرات النكاح فكان راضيا بحضانة الولد في ذلك البلد فكان راضيا بالتفريق الا ان النكاح ما دام قائما يلزمها اتباع الزوج فإذا زال فقد زال المانع وان وقع النكاح في غير بلدها بان لم يكن لها ان تنتقل بولدها إلى بلدها بان تزوج امرأة كوفية بالشام فوقعت الفرقة فأرادت أن تنقل ولدها إلى الكوفة لم يكن لها ذلك لأنه إذا لم يقع النكاح في بلدها لم توجد دلالة الرضا بالمقام في في بلدها فلم يكن راضيا بحضانة الولد فيه فلم يكن راضيا بضرر التفريق ولو أرادت أن تنقل الولد إلى بلد ليس ذلك ببلدها ولكن وقع النكاح فيه كما إذ تزوج كوفية بالشام فنقلها إلى البصرة فوقعت الفرقة بينهما فأرادت أن تنقل بأولادها إلى الشام ليس لها ذلك كذا ذكر في الأصل لان ذلك البلد الذي وقع فيه النكاح ليس ببلدها ولا بلد الزوج بل هو دار غربة لها كالبلد الذي فيه الزوج فلم يكن النكاح فيه دليل الرضا بالمقام فيه فلم يكن راضيا بحضانة الولد الذي هو من ثمرات النكاح فيه فلم يكن راضيا بضرر التفريق فاعتبر في الأصل شرطين أحدهما أن يكون البلد الذي تريد ان تنقل إليه الولد بلدها والثاني وقوع النكاح فيه فما لم يوجد لا يثبت لها ولاية لا نقل وروى عن أبي يوسف ان لها ذلك واعتبر مكان العقد فقط ولايه أشار محمد في الجامع الصغير فقال وإنما أنظر في هذا إلى عقدة النكاح أين وقعت وهكذا اعتبر الطحاوي والخصاف اتباعا لقول محمد في الجامع وهذا غير سديد لان محمدا وان أجمل المسألة في الجامع فقد فصلها في الأصل على الوجه الذي وصفنا والمجمل يحمل على المفسر وقد يكون المفسر بيانا للمجمل كالنص
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222