بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٢٤
الخلق في تصيير الجارية أم ولد لان أحكام الولادة تتعلق بمثل هذا السقط وهو ما ذكرنا وان لم يكن استبان شئ من خلقه فألقت مضغة أو علقة أو نطفة فادعاه المولى فإنها لا تصير أم ولد كذا روى الحسن عن أبي حنيفة لأنه ما لم يستبن خلفه لا يسمى ولدا وصيرورة الجارية أم ولد بدون الولد محال ولأنه يحتمل أن يكون ولد ويحتمل أن يكون دما جامدا أو لحما فلا يثبت به الاستيلاد مع الشك وهذا الذي ذكرنا قول أصحابنا وللشافعي فيه قولان في قول قال يصب عليه الماء الحار فان ذاب فهو دم وان لم يذب فهو ولد وفى قول قال يرجع فيه إلى قول النساء والقولان فاسدان لما ذكرنا في كتاب الطلاق ولو أقر المولى فقال لجاريته حمل هذه الجارية منى صارت أم ولد له لان الاقرار بالحمل اقرار بالولد إذ الحمل عبارة عن الولد وروى عن أبي يوسف أنه قال إذا قال حمل هذه الجارية منى أو قال هي حبلى منى أو قال ما في بطنها من ولد فهو منى ثم قال بعد ذلك لم تكن حاملا وإنما كان ريحا وصدقته الأمة فإنهما لا يصدقان وهي أم ولد لأنه أقر بحملها والحمل عبارة عن الولد وذلك يثبت لها حرية الاستيلاد فإذا رجع لم يصح رجوعه ولا يلتفت إلى تصديقها لان في الحرية حق الله تعالى فلا يحتمل السقوط باسقاط العبد ولو قال ما في بطنها منى ولم يقل من حمل أو ولد ثم قال بعد ذلك كان ريحا وصدقته لم تصر أم ولد لان قوله ما في بطنها يحتمل الولد والريح فقد تصادقا على اللفظ المحتمل فلم يثبت الاستيلاد ولو قال المولى إن كانت هذه الجارية حبلى فهو منى فأسقطت سقطا قد استبان خلقه أو بعض خلقه صارت أم ولد لما بينا فان ولدت ولدا لأقل من ستة أشهر صارت أم ولد له لان الطريق إلى ثبوت نسب الحمل منه هذا لان معنى قوله إن كانت حبلى فهو منى أي انى وطئتها فان حبلت من وطئ فهو منى فإذا أتت بعد هذه المقابلة بولد لأقل من ستة أشهر تيقنا انها كانت حاملا حينئذ فثبت النسب والاستيلاد فان أنكر المولى الولادة فشهدت عليها امرأة لزمه النسب لان الزوج إذا كان أقر بالحمل تقبل شهادة امرأته على الولادة على ما ذكرنا في كتاب الطلاق فان جاءت لستة أشهر فصاعدا لم يلزمه ولم تصر الجارية أم ولد لأنا نعلم وجود هذا الحمل في ذلك الوقت لجواز انها حملت بعد ذلك فلا يثبت النسب والاستيلاد بالشك (فصل) وأما سبب الاستيلاد وهو صيرورة الجارية أم ولد له فقد اختلف فيه قال أصحابنا سببه هو ثبوت نسب الولد وقال الشافعي سببه علوق الولد حرا على الاطلاق بعد اتفاقهم على أن حكم الاستيلاد في الحال هو ثبوت حق الحرية وثبوت حقيقة الحرية بعد موت المولى والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم في جاريته مارية القبطية لما ولدت إبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام أعتقها ولدها والمراد منه التسبيب أي ولدها سبب عتقها غير أنهم اختلفوا في جهة التسبيب فقال أصحابنا هي ثبوت نسب الولد وقال الشافعي هي علوق الولد حرا مطلقا (وجه) قوله إن الولد حر بلا شك وانه جزء الام وحرية الجزء تقتضي حرية الكل إذ لا يحتمل أن يكون الكل رقيقا والجزء حرا كان ينبغي أن تعتق الام للحال الا أنه إنما لا تعتق لان الولد انفصل منها وحريته على اعتبار الانفصال لا توجب حرية الام كما لو أعتق الجنين فقلنا بثبوت حق الحرية في الحال وتأخر الحقيقة إلى بعد الموت عملا بالشبهين ولنا ان الوطئ والمعلق أوجب الجزئية بين المولى والجارية بواسطة الولد لاختلاط الماءين وصيرورتهما شيئا واحدا وانخلاق الولد منه فكان الولد جزأ لهما وبعد الانفصال عنهما ان لم يبق جزأ لها على الحقيقة فقد بقي حكما لثبوت النسب ولهذا تنسب كل الام إليه بواسطة الولد يقال أم ولده فلو بقيت حقيقة الحرية لثبتت حقيقة الحرية للحال فإذا بقيت حكما ثبت الحق على ما عليه وضع مأخذ الحجج في ترتيب الأحكام على قدر قوتها وضعفها والى هذا المعنى أشار عمر رضي الله عنه فقال أبعد ما اختلطت لحومكم بلحومهن ودماؤكم بدمائهن تريدون بيعهن ثم اختلف أصحابنا في كيفية هذا السبب فقال علماؤنا الثلاثة السبب هو ثبوت النسب شرعا وقال زفر هو ثبوت النسب مطلقا سواء ثبت شرعا أو حقيقة وبيان هذه الجملة في مسائل إذا تزوج جارية انسان فاستوها ثم ملكها صارت أم ولد له عند أصحابنا لان سبب الاستيلاد هو ثبوت النسب وقد ثبت فتحقق السبب الا أنه توقف الحكم على وجود الملك فتعذر اثبات حكمه
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222