جاز لان اقراره الأول وقع باطلا لجهالة المقر له والولاء لا يثبت من المجهول كالنسب فبطل والتحق بالعدم فبعد ذلك له ان يقر لمن شاء والله عز وجل أعلم (فصل) وأما ولاء الموالاة فالكلام فيه في مواضع في بيان ثبوته شرعا وفي بيان سبب الثبوت وفي بيان شرائط الثبوت وفي بيان صفة السبب وفي بيان حكمه وفي بيان صفة الحكم وفي بيان ما يظهر به أما الأول فقد اختلف في ثبوت هذا الولاء قال أصحابنا انه ثابت ويقع به التوارث وهو قول عمر وعلى وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم وهو قول إبراهيم النخعي وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه انه يورث به ويوضع في بيت المال وبه أخذ مالك والشافعي وجه قولهما ان في عقد الولاء ابطال حق جماعة المسلمين لأنه إذا لم يكن للعاقد وارث كان ورثته جماعة المسلمين ألا ترى انهم يعقلون عنه فقاموا مقام الورثة المعينين وكما لا يقدر على ابطال حقهم لا يقدر على ابطال حق من قام مقامهم ولهذا قالا إذا أوصى بجميع ماله لانسان ولا وارث له لم يصح لأنه إذا لم يكن له وارث معين كان وارثه جماعة المسلمين فلا يملك ابطال حفهم كذا هذا والصحيح قولنا بالكتاب والسنة والمعقول أما الكتابة الكريم فقوله عز وجل والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم والمراد من النصيب الميراث لأنه سبحانه وتعالى أضاف النصيب إليهم فيدل على حق لهم مقدر في التركة وهو الميراث لأنه هذا معطوف على قوله ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالد ان الأقربون لكن عند عدم ذوي الأرحام عرفناه بقوله عز وجل وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله وأما السنة فما روى عن تميم الداري رضي الله عنه أنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن أسلم على يدي رجل ووالاه فقال صلى الله عليه وسلم هو أحق الناس به محياه ومما ته أي حال حياته وحال موته أراد به صلى الله عليه وسلم محياه في العقل ومما ته في الميراث وأما المعقول فهو ان بيت المال إنما يرث بولاء الايمان فقط لأنه بيت مال المؤمنين قال الله عز وجل والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض وللمولى هذا الولاء وولاء المعاقدة فكان أولى من عامة المؤمنين ألا ترى ان مولى العتاقة أولى من بيت المال للتساوي في ولاء الايمان والترجيح لولاء العتق كذا هذا الا أن مولى الموالاة يتأخر عن سائر الأقارب ومولى العتاقة يتقدم على ذوي الأرحام لان الولاء بالرحم فوق الولاء بالعقد فيختلف عن ذوي الأرحام وولاء العتاقة بما تقدم من النعمة بالاعتاق الذي هو احياء وايلاد معنى الحق بالتعصيب من حيث المعنى ولذلك قال صلى الله عليه وسلم الولاء لحمة كلحمة النسب وأما قولهما ان جماعة المسلمين ورثته فلا يقدر على ابطال حقهم بالعقد فنقول إنما يصيرون ورثته إذا مات قبل المعاقدة فاما بعد المعاقدة فلا والدليل على بطلان هذا الكلام انه تصح وصيته بالثلث ولو كان كذلك لما صحت لكونها وصية للوارث وأما سبب ثبوته فالعقد وهو الايجاب والقبول وهو أن يقول الذي أسلم على يد انسان له أو لغيره أنت مولاي ترثني إذا مت وتعقل عنى إذا جنبت فيقول قبلت سواء قال ذلك للذي أسلم على يديه أولا آخر بعد ان ذكر الإرث والعقل في العقد ولو أسلم على يد رجل ولم يواله ووالى غيره فهو مولى للذي والاه عند عامة العلماء وعند عطاء هو مولى للذي أسلم على يده والصحيح قول العامة لقوله عز وجل والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم جعل الولاء للعاقد وكذا لم ينقل ان الصحابة أثبتوا الولاء بنفس الاسلام وكل الناس كانوا يسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وكان لا يقول أحد لمن أسلم على يد أحد انه ليس له أن يوالي غير الذي أسلم على يده فثبت أن نفس الاسلام على يد رجل ليس سببا لثبوت الولاء له بل السبب هو العقد فما لم يوجد لا يثبت الإرث والعقل وأما شرائط العقد فمنها عقل العاقد إذ لا صحة بايجاب والقول بدون العقل وأما البلوغ فهو شرط الانعقاد في جانب الايجاب فلا ينعقد الايجاب من الصبي وإن كان عاقلا حتى لو أسلم الصبي العاقل على يد رجل والاه لم يجز وان أذن أبوه الكافر بذلك لان هذا عقد وعقود الصبي العاقل إنما يقف على اذن وليه ولا ولاية للأب الكافر على ولده المسلم فكان اذنه والعدم بمنزلة واحدة ولهذا لا تجوز سائر عقوده باذنه كالبيع ونحوه كذا عقد الموالاة وأما من جانب
(١٧٠)